قضية الزلزولي، في قلب سؤال اللاعب المحلي

قضية الزلزولي، في قلب سؤال اللاعب المحلي
عزالدين عماري
تضاربت آراء المهتمين بالشأن الكروي حول قرار لاعب فريق برشلونة الإسباني عبد الصمد الزلزولي بشأن مشاركته في كان 2022 بالكامرون.
أيا كانت أسباب قرار وكيل أعمال اللاعب ( أخوه ) تأجيل اللاعب الزلزولي لحمله القميص المغربي لما بعد الكان من عدمه، وتفضيل حمله قميص منتخب إسبانيا، بعد ضغط تشافي مدرب لاروخا أو دخول الإتحاد الاسباني على خط تجنيس اللاعب، فإننا أمام قضية ثانوية لا يمكن لها أن تحجب عنا الأهم في بناء منظومة كروية وطنية ومحلية احترافية قادرة على المنافسة وغير مرتبطة أساسا بالبحث عن لاعب مغربي محترف.
تحتفظ ذاكرة كل المغاربة بإنجازات المنتخب المغربي لكرة القدم بمونديال ميكسيكو 86. وهو الإنجاز الدولي الوحيد في تاريخ كرة القدم المغربية.
ويعلم المتتخصصون أنه من أصل 22  لاعب في مونديال ميكسيكو خطف فيه المحترفين 5 مقاعد فقط لاغير.
تألق اللاعب المحلي بالمونديال الميكسيكي، ولم يخسر المغرب ولا مباراة واحدة في دوري المجموعات. واجهنا بولندا وإنجلترا وآلت نتيجة المبارتين إلى التعادل السلبي.
وكانت مواجهة البرتغال بطعم الإنتشاء والتألق، حيث حسم الأسود المباراة بثلاثية أدخلت المنتخب موسوعة أول متتخب من خارج أوروبا وأمريكا يتجاوز دوري المجموعات.
امتلكنا حارس مرمى محلي مهاري، مرن قوي، الحارس الدولي بادو الزاكي، توفرنا على دفاع محلي شكل صخرة منيعة، يقوده البويحياوي، البياز، لمريس وخليفة.
تفوقنا بوسط ميدان متماسك بقيادة العميد الرجاوي عبد المجيد الظلمي، الحداوي وبودربالة، وهو ما عطل الماكينا الألمانية، خلال دور الستة عشر ولم تقوى على التسجيل إلى حدود الدقيقة 88 وأزاحتنا  بهدف يتيم.
وبالعودة إلى إنجازات المنافسات الإفريقية التي تألقت فيها فرق شمال إفريقيا خصوصا ( مصر، تونس في سنوات مضت) نجد بصمة فعالة لللاعب المحلي الذي يرتبط أكثر بمنتخبه، ويعتبر حمل المقيص الوطني حلم كبير وإنجاز عظيم إذا تحقق.
وهو ما لانجده عند اللاعب المحترف ( وهذا أمر طبيعي وعادي )  بفرق كبرى حيث عقود احتراف دقيقة، و استثمارات كبرى وحسابات أندية ولاعبين تتجاوز حسهم ( بالإنتماء للوطن ) في معركة البحث عن المال والشهرة.
في زمن تحولت فيه كرة القدم والرياضة إلى أكبر قطاع استثماري منتج تجاوز الحدود وتعالى فوق قيم الوطن والمواطنة، ولنا في عديد الأسماء المجنسة خير دليل.
إن غياب استراتيجية محلية مبنية على تأهيل وتكوين الطاقات الواعدة المحلية واستثمار أمثل لكل المشاتل التي تعج بها فرق الأحياء والمدن الصغيرة، وتمكين اللاعب المحلي من برنامج عمل كروي يبحث و يمرن ويؤهل هو ما ينقص العديد من المنتخبات التي تربط مشاركتها الدولية باستقطاب أكبر عدد من المحترفين. ولعل ما حققته أكاديمية محمد السادس ولو بشكل نسبي خير دليل على أهمية التكوين وسقل المواهب ودعمها.
من حق نادي برشلونة قبل منتخب إسبانيا تحصين لاعبه في وضع يعيش فيه الفريق الإسباني أسوء سنواته، و من حق المنتخب الإسباني السعي لاستقطاب لاعب أيا كانت جنسيته يرى فيه مستقبل ناجح، ما دام أن قانون اللعبة يسمح به.
لكن من غير المسموح به أن نبقى جمهورا ومحبيه وأبناء وطن نربط مشاركاتنا بأسماء محترفة هنا وهناك، ومرهونين لأهواء  واختيارات أطقم فنية وإدارية تقدم مصالحها و تربط نجاحاتها بالبحث عن نجوم فرق أوروبية، بتهميش اللاعب المحلي و احتقاره وعدم تمكينه من فرص تطوير مهاراته واكتساب خبرة تجعله أهل أكثر لحمل القميص الوطني.
قضية اللاعب الشاب عبد الصمد الزلزولي لايجب النظر إليها بعاطفة الانتماء والجنسية، ففي قصة اللاعب الحدادي العبرة والذي تورط في المشاركة مع إسبانيا ولعب أقل من خمس دقائق جعلته في الأخير يلجىء إلى الفيفا من أجل تمكينه اللعب مع المغرب بعدما كان قد اختار حمل قميص الإسبان الذين تنكروا له من بعد.
هو درس بليغ في فتح صدر الترحيب بالكفاءات المحلية و تكوينها وتمكين الجامعة المغربية من أوراش البحث عن المواهب والدفع بالاندية الوطنية إلى مزيد من تأهيل أكاديمياتها وتوفير الدعم المالي واللوجيستيكي.
قضية الزلزولي عليها أن تكون بداية لهذا الورش الوطني بعيدا عن ربط منتخبنا وتعليق مصير إنجازاته بلاعبين محترفين مصيرهم ليس بأيديهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *