الجزائر: شغب وتخريب واعتداء على المنتخب الصومالي بالجزائر رغم انتصار المنتخب وتأهله لكأس العالم 2026
عبدالقادر كتـــرة
في مشهد مثير للصدمة والخيبة، شهدت العاصمة الجزائرية، بعد المباراة التي جمعت المنتخب الجزائري بنظيره الصومالي في تصفيات كأس العالم 2026، أعمال شغب وتكسير واعتداء من قبل المشجعين الجزائريين على حافلة المنتخب الصومالي.
جاءت هذه الحوادث رغم الفوز المريح للمنتخب الجزائري (3-0) وتأهله المبكر إلى النهائيات.
الحدث يحمل مفارقة كبيرة. فبدلاً من أن تكون ليلة احتفال بانتصار ساحق وتأهل لكأس العالم 2026، تحولت إلى ليلة عار بسبب أفعال وحشية وهمجية لمشاغبين من الجمهور الجزائري.
هذا التناقض يضعف من فرحة الانتصار الرياضي الكبير حيث لا يوجد مبرر رياضى لهذا الفعل والمنتخب الجزائري كان متفوقاً بشكل ساحق، والفوز كان متوقعاً.
قد تكون هناك خطابات كراهية أو استهزاء مسبقة تجاه الخصم، خاصة أنه ضعيف التصنيف، مما خلق جوًا من الاحتقان غير المبرر.
تحول الحماس الرياضي إلى عنف مدمر بفعل “عقلية القطيع” والرغبة في إثبات الذات بطرق خاطئة، حتى في غياب المنافسة الحقيقية.
ويطرح هذا الوضع التساؤل حول التقصير في تأمين الفريق الضيف وحمايته من مثل هذه الاعتداءات، خاصة مع معرفة شغف الجماهير الجزائرية وشهرته السيئة في العنف والسب والشتم والاعتداءات والتخريب والتدمير داخل الملاعب الجزائرية خارجها الجزائر، كما يشار إلى أن وحشية ملاعب الجزائر بلغت حد حوادث القتل والاغتيال .
هذه الحادثة تشوه صورة الكرة الجزائرية والجماهير الجزائرية التي تشتهر بحماسها الكبير، وتعيد إلى الأذهان أحداثاً سلبية مشابهة.
ومن المتوقع أن تفتح الفيدرالية الدولية (فيفا) تحقيقاتها في الواقعة، مما قد يعرض الاتحاد الجزائري لكرة القدم لعقوبات مالية أو حتى خصم نقاط أو لعب مباريات بدون جمهور.
ومن الواجب على الجهات الرسمية والرياضية في الجزائر تقديم اعتذار رسمي وسريع للجانب الصومالي، وتعويضهم عن الأضرار.
الرياضة يجب أن تكون جسراً للتواصل بين الشعوب، ومثل هذه الأحداث قد تترك أثراً سلبياً على العلاقات الأخوية بين الشعبين الجزائري والصومالي.
ما حدث هو فعل همجي وحشي لا يمثل بأي حال روح الرياضة النبيلة ويعبر عن الغالبية العظمى من الجماهير الجزائرية التي تهيج وتموج خاصة لما تكون في وضعية المنتشية بانتصار فريقها.
الرياضة هي منافسة شريفة يحترم فيها الخصم، مهما كان مستواه، والملاعب فضاءات رياضية لاستقبال الضيوف واحترامهم وتكريمهم، وليست غابات وحلبات وساحات للحرب…إذ من الجبن والخبث والخسة والدناءة أن تعنف ضيفك في حرمتك وحماك وحمايتك.
الاعتداء على فريق ضيف، خاصة بعد هزيمته، هو تصرف ينم عن ضعف وليس قوة، ويحول نصراً مشروعاً إلى مناسبة للخزي.
هذه الحادثة يجب أن تكون جرس إنذار للمسؤولين والجماهير على حد سواء لمراجعة السلوكيات في المدرجات ومحيط الملاعب، وتعزيز قيم الاحترام والتسامح، وفرض القانون بحزم على كل من تسول له نفسه العبث بأمن الأشخاص وممتلكاتهم. النصر الحقيقي هو نصر الأخلاق والروح الرياضية قبل أن يكون نقاطاً في جدول المتصدرين، وليس النصر بالسب والشتم والعنف واحتقار الآخر والاعتداء عليه، خاصة لما تدعي دولة الجزائر، بكل غرور وعنجعية، أنها مستعدة لاحتضان ملتقيات وبطولات ولقاءات إقليمية وقارية ودولية في الوقت الذي هي عاجزة عن تنظيم مباراة واحدة…

