إعلان منطقة القبائل “جمهورية مستقلة” والمطالبة بإدراجها بالأمم المتحدة لتصفية الاستعمار الجزائري

إعلان منطقة القبائل “جمهورية مستقلة” والمطالبة  بإدراجها بالأمم المتحدة لتصفية الاستعمار الجزائري

عبدالقادر كتــرة

في خطوة أخرى وغير مسبوقة للتحرر من قبضة استعمار النظام العسكري الجزائري ، طالب “فرحات مهني” رئيس حكومة القبائل المؤقتة، بإدراج “منطقة القبايل باللجنة الأممية الرابعة لتصفية الاستعمار”، وتسجيل “حكومة القبايل المؤقتة” في قائمة الشعوب التي لا تتمتع بحق تقرير المصير.

وسبق لفرحات مْهني الرئيس المؤقت لحكومة منطقة القبايل أن رفع العلم الوطني الرسمي لبلاده “جمهورية القبايل المستقلة”، الأحد 11 أكتوبر 2015، أمام مقر الأمم المتحدة، في خطوة للتعبير  عن رغبة “شعب القبايل” في التحرر من قبضة النظام العسكري الجزائري.

ويطالب الرئيس مْهني باستقلال منطقة القبايل التي تعيش، منذ سنوات، على وقع الاحتجاجات التي تقابلها السلطات العنصرية الجزائرية بانتهاكات وحشية لحقوق الإنسان، باستقلال “منطقة القبايل” الحالمة بالحرية في ظل دولة مستقلة متعاونة مع كل الدول المحيطة مساهمة في تقوية اقتصاد ومكانة المغرب الكبير، دون أن تشكل عبئا جديدا على شمال إفريقيا المفككة بسبب المناورات السياسية والدبلوماسية الجزائرية.

ومنذ الإعلان عن “جمهورية القبايل المستقلة” بالخارج خلال شهر أبريل 2010 بباريس بفرنسا، لم يتوقف فرحات مهني رئيس “الحكومة قبائلية مؤقتة لشعب القبائل بالجزائر” عن التحركات والتنقلات والسفر، يجوب مدن فرنسا وبعض بلدان أوروبا للتعريف بهذه “الجمهورية” التي أعلن تأسيسها في الخارج وتتموقع في قلب الجمهورية الجزائرية بمنطقة القبايل الأمازيغية، ورفع علم هذه الجمهورية وترديد نشيدها، كما هو الشأن في جميع الدول القائمة بذاتها، كما يقوم بمراسلة رؤساء الدول ومسؤولي المنظمات الدولية بصفته رئيس “جمهورية القبايل المستقلة“.

وعبّر العديد من القبائليين المتحدرين من منطقة القبائل في الجزائر عن سعادتهم وغبطتهم حتى الانتشاء بإحساسهم بهويتهم القبائلية، بعد تسلمهم لبطائق تعريف الوطنية للهوية القبائلية الخاصة ب”جمهورية القبايل المستقلة بالخارج”، وبعد ترديد النشيد القبائلي باللغة القبائلية بحضور مسؤولين في الحكومة المؤقتة القبائلية خلال حفل توزيع بطائق التعريف الوطنية ل”جمهورية القبايل المستقلة بالخارج”، نظم باريس يوم السبت 27 نونبر 2010.

وذكر بيان الحركة الصادر بالمناسبة بأسباب قرار إنشاء الحكومة المؤقتة مشيرا، إلى أن منطقة القبائل كانت في مواجهة مع الدولة الجزائرية المسلحة ب”عسكر الحدود” وقواها الإجرامية والعنصرية والمناهضة للقبائل، بتعبير البيان، حيث  قادت الدولة، منذ عام 1963، حربا ضد منطقة القبائل وقتلت ما لا يقل عن 400 من أبنائها في أقل من ستة أشهر، وأصبح وصم القبائل بالعار، على مر السنين، الثابت الوحيد في السياسة الداخلية للنظام في الجزائر العاصمة، حيث أصبح القبائليون، منذ ذلك الحين، وبطريقة خبيثة واعتباطية، محطّ الإدانة الوطنية بحيث يوصفون بكونهم “انفصاليون” أو”العدو الداخلي” أو “يهود”… ، ويتم حظر أطرهم من الارتقاء الوظيفي على الرغم من كفاءاتهم الكبيرة جدا، ويُنفى قادتهم السياسيون المنفيون أو يتعرضون للقتل.

من جهة أخرى، أكدت مقاطعة شعب منطقة “القبائل” بنسبة 99 في المائة للانتخابات  التشريعية بالجزائر في 12 يونيو 2021، تمسك “جمهورية القبائل” بالاستقلال الذاتي عن الجزائر التي ترزح تحت حكم النظام العسكري الجزائري منذ 70 سنة بعد خروج الاستعمار الفرنسي.

ولم تتجاوز نسبة المشاركة بولايتي بجاية وتيزي وزو، 0.82 في المئة، و0.65 في المئة، يوم الاقتراع الذي شهد امتناع 86 مركز انتخاب عن فتح أبوابها في محافظة تيزي وزو من مجموع 704 مراكز، إضافة إلى رفض 40 مؤطراً الالتحاق بمراكز التصويت، بينما فتحت 7 مكاتب فقط من مجموع 1705 مكاتب في محافظة بجاية مع تسجيل اشتباكات بين مناهضي الانتخابات وقوات مكافحة الشغب.

وشهدت بعض مراكز ومكاتب التصويت الموجودة في بعض بلديات محافظة البويرة، عمليات تخريب للصناديق وتمزيق لأوراق الانتخاب، وسط منع المواطنين من التصويت، الأمر الذي خلق وضعاً متوتراً بلغ حدّ المناوشات بين شباب المنطقة وقوى الأمن.

وتوقّع النظام العسكري الجزائري هذه النتيجة حيث سبق أن صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ضعفاً في نسب المشاركة، ما دفعه إلى استباق التأويلات والتصريح بأن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لا تهمه كثيراً، مشيراً إلى أن ما يهمه الأشخاص الذين يخرجون من صناديق الاقتراع بالشرعية الكافية التي يأخذون بها السلطة التشريعية، مضيفاً أن “هذا الشيء يجعلني متفائلاً“.

ولا تُعتبر مقاطعة القبائل مفاجئة بعد إعلان أكبر حزبين متمركزين في المنطقة عدم مشاركتهما في الانتخابات، وهما “جبهة القوى الاشتراكية” و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، تحت تبرير “إصرار السلطة على مسار غير توافقي”. وحذّر تبون من “مساهمة الانتخابات في عزل أكبر لمنطقة القبائل، بشكل يفتح الأبواب أمام طروحات حركة “الماك” التي تطالب بانفصال المنطقة عن بقية البلاد“.

جمهورية القبائل تتوفر على جميع مقومات الدولة بحيث لها أرض وعاصمة (تيزي وزو) وحكومة في المنفى برئيس (فرحات مهني) وعشرة  وزراء في فرنسا  وراية وطنية وبطاقة تعريف وجواز سفر وممثلين للجمهورية القبائلية في بعض البلدان وملف ثقيل بهيئة الأمم المتحدة.

يعاني سكان منطقة القبائل تحت حكم النظام العسكري الجزائري الويلات والقمع والاعتقالات والتجويع والتفقير  واتهامهم بالإرهاب والعقاب في أشد تمثلاته،  حيث سجن القبائليون لمجرد رفعهم الشعار الأمازيغي ورفضهم خوض الانتخابات والاستحقاقات والاستفتاءات وخروجهم للتنديد بالقهر والتهميش والتظاهر

بل تجاوز سلوك وممارسات النظام العسكري الجزائري كلّ الحدود برفض توفير اللقاحات ضد وباء “كوفيد -19″، ومعاقبته القبائل بإشعال حرائق الغابات مهولة وجهنمية في صيف 2021 ، خلّف الخسائر في الأرواح والمدنيين والجنود والقتل المروع للراحل جمال بن إسماعيل

ويعمل مواطني ومواطنات منطقة القبائل بلا كلل ، مثل سكان مناطق أخرى من البلاد ، لاستعادة طعم الحياة ، وتضميد الجراح الجسدية والنفسية التي عانوا منها نتيجة هذا الوباء وهذه الحرائق، لمحاولة مواجهة التحدي لإعادة إعمار المناطق المنكوبة بفضل زخم غير مسبوق من التضامن الوطني.

وارتفع عدد ضحايا حرائق الغابات “المفتعل من طرف النظام العسكري الجزائري من سكان منطقة القبايل بعد رفضهم الانتخابات المزورة والمطالبة بالاستقلال”، حسب تصريحات مسؤولي الحكومة المؤقتة للشعب القبائلي، إلى 65 شخصا بين مدني وعسكري. وأوضح التلفزيون العمومي أن من بين الضحايا 28 عسكريا و37 مدنيا أغلبهم بولاية تيزي وزو، في حين يتواجد 12 عسكريا في حالة حرجة بالمستشفى.

واتهمت حكومة القبايل المؤقتة، بتورط النظام العسكري الجزائري في إشعال حرائق منطقة تيزي وزو، داعية المجتمع الدولي للضغط على النظام الجزائري لوقف معاناة شعب القبايل عقب اندلاع حرائق مهولة بمنطقة تيزي وزو كبرى مدن جمهورية القبايل.

بلاغ صادر عن قيادة الحكومة القبايلية، تناقلته وسائل الإعلام الدولية، قال: “إن النظام العسكري الحاكم في الجزائر، تعمد إشعال النيران والتسبب في سقوط عشرات القتلى عقب الحرائق التي شهدتها ولاتزال تشهدها منطقة القبايل التي تطالب بتقرير مصيرها“.

البلاغ الذي وقعه، فرحات مهني، شدد “على أن النظام الجزائري، يريد إبادة شعب القبايل، حيث عمد لإختلاق الحرائق، بعدما ترك مواطني منطقة القبايل يموتون بسبب “كوفيد 19″ وتم منع وصول الأكسجين لمدن منطقة القبايل من طرف الجيش والأمن الجزائري”.

“تنسيقية قرى منطقة القبائل” أصدرت بيانا بعنوان “أوقفوا شيطنة منطقة القبائل”، ندّدت فيه بالمعاملة البوليسية والإعلامية لمواطني منطقة القبائل.

وقالت التنسيقية في بيانها إنّ  “سكان منطقة القبائل يمرّون بأشد فترات من الألم، ناهيك عن سجن الناس لمجرد رفع الشعار الأمازيغي، وباء “كوفيد -19″ إلى جانب الصدمات التي خلفتها حرائق الغابات في صيف 2021، والخسائر في الأرواح والمدنيين والجنود والقتل المروع للراحل جمال بن إسماعيل، كلها مكونات التي تعقد حياة هؤلاء السكان يوميًا”.

وأكّدت التنسيقية أنّ “في الوقت الذي تحولت فيه هذه المنطقة إلى رماد بسبب الحرائق وتوقع إعلانها منطقة منكوبة بخطة إنعاش مناسبة، نشهد للأسف في الأشهر الأخيرة  أعمال اعتقال وترهيب وسجن سقطت دون تمييز على  المثقفين والفنانين والشخصيات السياسية وحتى المواطنين العاديين في هذه المنطقة من البلاد .

وأشارت ذات الجهة إلى أنّ “الدافع المعلن لتبرير هذه الأعمال هو تفكيك شبكات حركة سياسية مصنفة على أنها “منظمة إرهابية”  تطالب بشكل صريح بفصل منطقة القبائل عن باقي البلاد”، مضيفة: “وفي الآونة الأخيرة، قامت حملة إعلامية تعمل من قبل نفس التعبئة بتقديم مواطنين للرأي العام الوطني والدولي الموقوفين قبل محاكمتهم على أنهم “إرهابيون” ينشطون في الحركة الانفصالية المذكورة .

ولفتت التنسيقية أنّ  “هذه الحملة الإعلامية المتحيزة تطورت في النهاية إلى صورة نمطية وشيطنة ذهبت إلى حد تعامل وسائل الإعلام الحكومية الثقيلة الى وصف منطقة القبائل على أنها “منطقة إرهابية”.

في ذات السياق، شدّدت النسيقية على أنّ “عرش الاربعة ناث اراثين مسقط رأس مهندس حرب التحرير عبان رمضان، منذ اندلاع الحرائق هي في جو من الحرب مع التعزيزات الأمنية، خاصة مع الزج بالعشرات من الأشخاص في السجون، لكن هذه السلوكيات تظهر أن الهدف ليس هذه المنطقة بل هو أحد رموز (نوفمبر) 1954”.

وقالت تنسيقية قرى منطقة القبائل : “ما زلنا نجهل الدوافع الحقيقية وراء هذه المعاملة البوليسية والإعلامية لمواطني منطقة القبائل، هذا الوضع ولد شعور عميق بالقلق والظلم لدرجة أن هؤلاء المواطنين يشعرون بالتهديد في حريتهم وأن يكونوا هدفا للاعتقال من قبل مختلف الأجهزة الأمنية مثل “الإرهابيين” للاشتباه في ارتباطهم بهذه الحركة أو بمناضليها .

وطالبت التنسيقية من السلطات العليا في البلاد بالإفراج الفوري عن المواطنين المحتجزين وإنهاء جميع الإجراءات القضائية بحقهم، إلى جانب وضع حد لأعمال التوقيف والإجراءات القانونية ضد المواطنين بسبب آرائهم السياسية التي لا تشكل أي تهديد حقيقي لوحدة الوطن أو مؤسسات الدولة أو مقومات الدستور.

كما دعت إلى “اتخاذ تدابير مناسبة لحماية المواطنين من أي حملة سياسية وإعلامية مشيطنة تصنفهم ظلماً على أنهم “إرهابيون”، واحترام المكاسب الثقافية والهوية الأمازيغية التي تعتبر الآن تراثًا مشتركًا لكل الشعب الجزائري .

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *