مشروع أنبوب الغاز “نيجيريا-الجزائر” في مهب الريح بسبب الصراع السياسي العنيف بين النظام الجزائري الإرهابي ودول الساحل الإفريقي 

مشروع أنبوب الغاز “نيجيريا-الجزائر” في مهب الريح بسبب الصراع السياسي العنيف بين النظام الجزائري الإرهابي ودول الساحل الإفريقي 

عبدالقادر كتــرة

دخل النظام العسكري الجزائري المارق والموبوء في صراع دبلوماسي وسياسي عنيف لا يمكن لأي أحد أن يحصر تداعياته بين الجزائر ودول الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) والذي لا شك أنه يهدد بشكل مباشر جدوى أهم مشروع اقتصادي لمستقبل الجزائر.

وضع خطير وغير مسبوق قد تدفع النيجر في الأيام القادمة، إلى القيام، تضامنا مع حليفها وشريكها مالي، بفرض عقوبات على مصالح الجزائر وتجميد مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء العملاق، وهو مشروع استراتيجي للمستقبل الطاقوي للجزائر، حيث سيضمن لها بحلول عام 2030 مصادر حيوية للعملة الصعبة وإمداد الأسواق الدولية بالغاز الطبيعي. وسبق أن وقَّعت الجزائر ونيجيريا والنيجر مؤخرًا، وتحديدًا في 11 فبراير بالجزائر العاصمة، اتفاقيات لتسريع تنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، الذي يبلغ طوله أكثر من 4,000 كيلومتر، والمصمم لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.

ومن المقرر أن ينقل الخط في نهاية المطاف، إن كتب له النجاح، مليارات الأمتار المكعبة من الغاز النيجيري إلى الجزائر عبر النيجر، ليتم تصدير الغاز بعد ذلك إلى الاتحاد الأوروبي عبر خط أنابيب “ترانسميد” الذي يربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس، أو على شكل غاز طبيعي مسال عبر ناقلات الغاز.

ووقَّعت الدول الثلاث عقدًا “لتحديث دراسة الجدوى”، وعقدًا “للتعويضات”، واتفاقية “عدم الإفصاح” بين شركاتها الطاقة.

وفي يوليو 2022، وقَّعت أبوجا والجزائر ونيامي خلال اجتماع وزاري بروتوكول اتفاق لبناء هذا الخط الذي يبلغ طوله 4128 كم، دون تحديد موعد للانطلاق.

عند إطلاق المشروع عام 2009، كانت تكلفته تُقدَّر بـ 15 مليار دولار، كما سيسمح الخط بتزويد دول الساحل بالطاقة.

وأُعيد تفعيل هذا المشروع في سياق جيوسياسي يتميز بطلب دولي مرتفع على الغاز والنفط وارتفاع الأسعار، وذلك في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

تجميد هذا المشروع العملاق سيكون له عواقب كارثية على المستقبل الاقتصادي للجزائر، بسبب السياسة العسكرية العدائية الإرهابية والمزاجية للنظام العسكري الجزائري الشيطان المارق والخبيث وإصراره على تهديد أمن وزعزعة استقرار المنطقة .

لا شك أن هذا الوضع الجديد والخطير في المنطقة وفقدان النظام العسكري الجزائري الشيطان لمصداقيته وموثوقيته، سيعصف بمشروع أنبوب الغاز “نيجيريا-النيحر-الجزائر”، ويمنح مشروع أنبوب الغاز المنافس له “نيجيريا-المغرب” أكثر مصداقية وثقة ونجاحا.

ويعتمد تنفيذ المشروعين العملاقين للغاز — “خط الغاز العابر للصحراء” الذي يربط نيجيريا بالجزائر عبر النيجر، و”خط غاز نيجيريا-المغرب” المقرر أن يمر عبر 13 دولة في غرب إفريقيا — على عوامل جيوسياسية واقتصادية وأمنية معقدة.

مقارنة وتحليل لاحتمالات تنفيذهما في إطار السياق الجيوسياسي والتحالفات الإقليمية تجعل من مشروع “الجزائر-النيجر-نيجيريا”

في مهب الرياح التي تعصف فوق رمال صحراء دول الساحل الإفريقي وترفع من المخاطر.

وتهدد المشروع التوترات الأخيرة بين الجزائر ودول الساحل (النيجر، مالي، بوركينا فاسو)، التي يحكمها جميعًا مجالس عسكرية موالية لروسيا، إذا قررت النيجر، الدولة المحورية في مسار المشروع، تجميده تضامنًا مع مالي (في خلاف دبلوماسي مع الجزائر)، فقد يُشل المشروع.

وتعتمد الجزائر، المعزولة إقليميًا (قطع العلاقات مع المغرب عام 2021)، على هذا المشروع لمواجهة النفوذ المغربي في إفريقيا وأوروبا.

مشروع “نيجيريا-المغرب” الذي يُروج له المغرب، الحليف للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يتمتع بدعم سياسي وتمويلي متزايد (اتفاق مع الإيكواس عام 2022) ، من العلم أن المغرب يحتفظ بعلاقات مستقرة مع معظم دول غرب إفريقيا، على عكس الجزائر.

ويهدف مشروع “نيجيريا-المغرب” إلى تجاوز الجزائر وتقديم بديل للغاز الجزائري لأوروبا، ما يعزز جاذبيته الجيواستراتيجية.

وتُقدَّر تكلفة مشروع “نيجيريا-الجزائر ” بـ 25–30 مليار دولار (تمت مراجعتها عام 2023)، ويعتمد على استثمارات جزائرية ونيجيرية وأوروبية. لكن الجزائر، رغم امتلاكها احتياطيات مالية، توتر انخفاض قدراتها الاستثمارية (بسبب الاعتماد على الهيدروكربونات).

وتقدر ميزانية مشروع نيجيريا-المغرب”25 مليار دولار”، لكنه يحظى بدعم الاتحاد الأوروبي (تنويع مصادر الطاقة بعد حرب أوكرانيا) وفاعلين مثل البنك الإفريقي للتنمية.

مشروع “نيجيريا الجزائر ” موجّه لأوروبا عبر الجزائر (خط الغاز العابر للمتوسط)، ويعتمد على الطلب الأوروبي الذي يسعى لتقليل اعتماده على الغاز الروسي.

لكن الاتحاد الأوروبي بدأ بالفعل في تنويع مصادره (قطر، الولايات المتحدة، أذربيجان).

ويستهدف مشروع “نيجيريا-المغرب” أوروبا أيضًا، لكن عبر شبكة بحرية وبرية أكثر مرونة، مع خيار التمديد نحو إسبانيا. المغرب، بصفته شريكًا متقدمًا مع الاتحاد الأوروبي، قد يسهل المفاوضات.

مشروع “نيجيريا-الجزائر” يولجه تحديات أأمنية ولوجستية لانعدام الأمن في الساحل حيث يمر المسار عبر مناطق عالية الخطورة (شمال النيجر، جنوب الجزائر)، التي تسيطر عليها جماعات جهادية، ووجود “فاغنر” في مالي وبوركينا فاسو يضيف بُعدًا جيوسياسيًا خطيرًا.

ويضاف إلى ذلك العلاقات الجزائرية-النيجرية المتوترة (اتهامات النيجر للجزائر بدعم التمردات الطوارقية) التي قد تعيق المشروع.

مشروع “نيجيريا-المغرب” يتميز باستقرار أمني حيث يمر المسار بمحاذاة الساحل الغربي الإفريقي، متجنبًا مناطق الساحل الأكثر اضطرابًا. لكن تبقى مخاطر (القرصنة في خليج غينيا، الاضطرابات في نيجيريا)، مع العلم أن المغرب يمتلك بالفعل خط الغاز المغاربي-الأوروبي (أُغلق عام 2021 بسبب الجزائر)، الذي يمكن إعادة استخدام أجزاء منه.

تشهد الجزائر عزلة قاتلة في ظل التوترات الأخيرة مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو (التي تشكل تحالف دول الساحل)، والتي تضعف الموقف الجزائري، مع الإشارة إلى أن روسيا، المؤثرة في المنطقة، قد تعرقل المشروع لإضعاف الاتحاد الأوروبي.

وهذا الوضع قد يدفع أبوجا إلى تفضيل المشروع المغربي إذا استمرت التوترات، خاصة وأن نيجيريا تحتفظ بعلاقات جيدة مع المغرب. من جهة أخرى، دعم الناتو والاتحاد الأوروبي يُدرج المشروع في الاستراتيجية الغربية لمواجهة النفوذ الروسي في إفريقيا، ودعم الولايات المتحدة للمغرب (الاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية عام 2020)، ما يعزز مصداقية مشروع أنبوب “نيجيريا-المغرب “.

وخلاصة القول، يبدو مشروع أنبوب الغاز “نيجيريا-المغرب” أكثر قابلية للتنفيذ من مشروع أنبوب الغاز “نيجيريا-الجزائر ” بسبب بيئة جيوسياسية أقل توترًا ودعمًا دوليًا أكثر تنظيماً.

لكن كلا المشروعين لن ينجحا دون ضمانات مالية ضخمة واستقرار إقليمي. على الجزائر، إن أرادت إنقاذ مشروعها، أن تهدئ علاقاتها مع أنظمة الساحل، بينما سيعتمد المغرب على تحالفاته الغربية لتسريع مشروعه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *