بحلول الذكرى 22 للخطاب الملكي بمدينة وجدة.. سؤال الساعة …من يتحمل مسؤولية ما آلت اليه المشاريع الملكية الضخمة من اهمال وتخريب؟؟

بحلول الذكرى 22 للخطاب الملكي بمدينة وجدة.. سؤال الساعة …من يتحمل مسؤولية ما آلت اليه المشاريع الملكية الضخمة من اهمال وتخريب؟؟

عبد القادر البدوي

شكل كما هو معلوم، الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بوجدة في 18 مارس 2003 المنطلق الحقيقي الذي رسم التوجهات الرئيسية لإقلاع الجهة في عدد من القطاعات الحيوية، كالاستثمار والبنية التحتية والمشاريع الاقتصادية والتكوين، وساهمت الزيارات الملكية المتكررة إلى المنطقة الشرقية، والتي تعد الثانية من حيث المساحة على الصعيد الوطني، في إطلاق مشاريع ضخمة غيرت من ملامح المنطقة، وأصبحت وجهة مفضلة لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية في مختلف المجالات، وخاصة منها الصناعية والسياحية.

وشملت أيضا، تدشين مشاريع سوسيو- رياضية وتربوية بمدينة وجدة، وهي بنيات جديدة تعكس العناية الملكية الموصولة بالعنصر البشري، كما تعطي دفعة قوية للبرامج التي تم إطلاقها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

كما ركزت الزيارات الرسمية لملك البلاد محمد السادس، – والتي غالبا ما كانت تستغرق عدة أيام – على الاستغلال الأمثل للمؤهلات والإمكانيات الهامة والموارد البشرية المتميزة التي تزخر بها الجهة، بهدف إنجاز المشاريع والتجهيزات الكبرى التي من شأنها أن تحقق إقلاعا اقتصاديا واجتماعيا هاما للجهة الشرقية.

وعليه، فان أهمية المناسبة تبدأ من استحضار سياق الخطاب الملكي قبل عقدين من الآن، أي التطلع لتنمية وتأهيل منطقة لا تخلو من حساسية، وهي تتواجد على تماس حدودي مع جار السوء ، وهي تعاني من ضعف فرص النمو، ومن هشاشة واضحة في عديد مجالات، كما أن ظرفية اليوم تحتم إجراء تقييم للحصيلة المنجزة، وأيضا رسم معالم المستقبل على ضوء تحديات الحاضر.

هذا وبقدر ما كانت المبادرة الملكية، تجسد العناية المولوية السامية بهذه المنطقة، ذات الإمكانات الهامة والمؤهلات البشرية، المتميزة بالإرادة القوية، والجدية في العمل، والتي شملت تحفيز الاستثمار والمقاولات الصغرى والمتوسطة للشباب، وتزويد الجهة بالتجهيزات الأساسية، خاصة في المجال الصحي، وإعطاء الأولوية لمشاريع اقتصادية هامة، فضلا عن النهوض بالتربية والتأهيل وتفعيل التضامن، مع تأهيل الموارد البشرية اللازمة للتنمية من خلال إحداث كلية للطب ذات مركز استشفائي جامعي، تعزيزا للمؤسسات الجامعية ومعاهد التكوين بهدف تكريس الدور الريادي لمدينة وجدة العريقة، كعاصمة للجهة الشرقية.

وامام هذا الكم الضخم من المشاريع الملكية يبقى التساؤل القائم الذي حير الجميع، هو ماذا عن الإهمال الذي طال – تلك المنجزات، وأين هي مسؤولية ممن انيطة بهم تسيير المدينة، في الحفاظ على مكتسبات المبادرة البشرية الملكية…

ويكفي تقديم نماذج حية من هذا الخراب و الإهمال، منها الخزانة الناطقة التي غلقت أبوابها وأصبحت في خبر كان، وهي التي خصصت – يا حسراه – لخدمةً المعاقينَ بصرياً ولتوسيعِ أفقِ ومداركِ وثقافةِ المكفوفين في مجــالِ الكتـــابِ المسمــوع، وقراءة الكتاب المطبوع، بطريقة البرايـــلِ المعلوماتِي، وهي بالمناسبة دشنت بتاريخ 15-11-2003 مـن قبـلِ جلالةِ الملكِ محمدِ السادسِ نصـــرهُ اللهُ، و هو المشروع الذي كان ثمرةَ مشاركةِ بين المجلس العلمي لوجدةَ، وكتابةِ الدولةِ المُكَلَّفَةِ بالأسرةِ والتضامنِ والعملِ الاجتماعيِّ، والتعاونِ الوطنيِ..

ناهيك عن التخريب الذي شمل المركبات الاجتماعية للرياضة والتكوين في احياء مختلفة من المدينة، واللامبالاة بالأسواق النموذجية، والتي تحولت بقدرة قادر الى اوكار للمتشردين، وتوقف حملات تنظيف وصيانة أعمدة الإنارة العمومية وإعادة تعبيد الطرقات المتضررة، التي كانت تسبق الزيارات الملكية، واهمال الشارع الرئيسي بوجدة ” شارع محمد الخامس “(حفر في كل مكان واعمدة كهربائية آيلة للسقوط)، وكذا الإهمال الذي طال ساحة زيري بن عطية التي غابت عنها الجمالية فجأة، رخام يتساقط يوما بعد يوم ، و الكرات الأرضية أصبحت عبارة عن نصف دوائر، -علما ان عمليات التهيئة، التي امتدت على مساحة 8000 متر مربع، بلغت قيمة تهيئتها ما يفوق 19 مليون درهم، و تضمنت توسعة رواق الفنون وفتحه على الساحة الجديدة وتشييد مسرح للهواء الطلق وبناء المدرجات وبناء سبعة أقواس ومجسمات فنية وإحداث نافورتين وتبليط أرضية الساحة بالرخام إلى جانب أشغال الكهربة والتشجير – … دون ان ننسى الحالة المزرية التي أصبحت عليها ساحة جدة بعد اقتلاع الزليج من هنا وهناك و تهالك النافورات التي كانت تزين ذات يوم بحر مدينة وجدة؟؟

الغريب في الامر، ان الحديث عما آلت اليه المشاريع من تدهور، طال مرفقا حيويا كذلك، الامر يتعلق بمجال الاستثمار لما له من أهمية كبرى في تعزيز مناخ الاعمال، حتى ان والي جهة الشق لهبيل الخطيب دق ناقوس الخطر، بسبب الخلل الذي طال هذا المرفق الحيوي.

هذا ما لمح اليه الوالي بمناسبة ، انعقاد المجلس الإداري للمركز الجهوي للاستثمار لجهة الشرق، خصص لعرض ودراسة حصيلة نشاط وعمل المركز خلال سنة 2024، وبرنامج عمل المركز لسنة 2025، ومشروع ميزانية 2025، مذكرا بالرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالته إلى المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي استضفتها مدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر 2024، والتي دعا فيها إلى مواصلة الجهود لمواجهة مختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، التي يطرحها هذا الورش المهيكل، وشدد السيد الوالي على ضرورة التفعيل الحقيقي لهذا الورش…وحذر في ذات الوقت من تعثر وثيرة تنفيد المشاريع المصادق عليها من قبل اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، خلال الفترة ما بين 2023 و 2024، التي تبقى – حسب كلامه – دون المستوى.

و قدم  الوالي أرقاما ملموسة للاختلالات المرصودة، و قال بالحرف ” ان من بين 179 مشروعا استثماريا ، تمت فقط معالجة 58، فيما بقيت 121 رخصة استثمارية دون تفعيل ، أي بنسبة 67 في المائة، وفي سياق كلامه قدم مثالا حيا مفاده ، (ان أي موظف بسيط بإمكانه توقيف مشروع استثماري ضخم ) ” مما يطرح – يضيف السيد الوالي – اكثر من علامة استفهام حول الأسباب التي تقف وراء الكم الهائل لرخص راوحت نفسها بمركز الاستثمار، وبخصوص التصدي لهاته الاكراهات شدد على ضرورة تظافر الجهود لإيجاد حلول منطقية وعاجلة بإمكانها وضع اهداف تنموية شاملة ومتكاملة من شانها تعزيز مكانة جهة الشرق كقطب اقتصادي و تنموي رائد….

وحسب المتتبعين للشأن المحلي، كان هناك بالفعل، تقصير ملموس من مسؤولين تعاقبوا على السلطة بمدينة وجدة، باستثناء المجهودات التي بدلها – نسبيا – كل من الوالي محمد الابراهيمي و الوالي محمد مهيدية التي لا ينكرها الا جاحد، إضافة الى بوادر التغيير التي بدأت تطفو على السطح في مدينة الالفية مع قدوم أحد أبناء المنطقة الشرقية الامر يتعلق بخطيب لهبيل والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة انجاد… فمند تعيينه من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، واليا لولاية جهة الشرق عاملا على عمالة وجدة انجاد،  بدات تشهد المدينة العديد من التحولات .

فبعد سنوات من استمرار الوضع المهترئ للبنية التحتية بمدينة وجدة، وبالخصوص على مستوى الطرقات و الشوارع و الساحات العمومية، يبقى الامل معقود على المبادرة الجريئة لوالي جهة الشرق الخطيب لهبيل، المرتبطة بالمشاريع التي هي في طور الإنجاز والمشاريع المبرمجة وكذا تشخيص أوضاع مختلف القطاعات خلال الفترة الممتدة من 2025 الى 2027، والتي خصص لها ميزانية تقدر ب 155 مليار سنتيم، شريطة ان تبقى هذه المشاريع المهمة التي ستعيد – لا محالة – لمدينة الألفية جماليتها وإعادة هيكلتها، رهينة بالوفاء بالالتزامات المالية لكافة المتدخلين وخاصة والمملكة المغربية مقبلة على رهانات كبرى اقتصادية وسياحية ورياضية.

على هذا الأساس، يجب مواصلة التفكير والتقييم والتخطيط ضمن الأفق الذي كان رسم معالمه جلالة الملك، فتنمية الجهة الشرقية من الضروري وضعها ضمن بعد إقليمي وقاري استراتيجي من شأنه تقوية إشعاع المملكة على الصعيد الأفريقي وأيضا ضمن الانتشار التنموي الأفقي والعمودي معا، ولن يتأتى ذلك سوي، العمل على وضع حد للتسيب، ومباشرة حملة تطهيرية واسعة في صفوف الموظفين والمنتخبين الفاسدين، لان اليوم لم يعد الاشكال مرتبط بالأغلفة المالية وإنما اصبح المشكل يتمثل في انعدام رجال ميدان قادرين على تنفيذ وتتبع انجاز المشاريع، والحفاظ على المكتسبات….

فمدينة زيري بن عطية، ليست بحاجة الى تفريخ مبالغ فيه لجمعيات الطرب !!، بقدر ما هي بحاجة الى وطنيين مخلصين صادقين يعملون بنزاهة وتضحية ونكران الذات، بجانب عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *