فقد صوت مجلس الشيوخ الفرنسي مساء أمس الثلاثاء على بعض فصول القانون المتعلقة تحظر ممارسة العبادة داخل المؤسسات الجامعية، ولا يتعلق الأمر بالفصول الدراسية أو المدرجات فحسب، بل يمكن أيضا أن يطال الممرات أو أي أماكن تابعة للجامعات، وذلك بهدف تعزيز الحياد في الجامعة، وفقاً للموقع الرسمي للمجلس.
في المقابل رفض النواب مقترحا بحظر بإبراز الرموز الدينية في مؤسسات التعليم العالي، بعد رفضه من لجنة الثقافة والتعليم داخل البرلمان ، والتي أشارت إلى عدم وجود طلب من رؤساء الجامعات بهذا الخصوص.
وكان النائب عن التيار الجمهوري جيروم باشر قد تقدم في 30 مارس الماضي بطلب تعديل على الفصول المتعلقة بالتعليم العالي داخل نص القانون يهدف إلى حظر ابراز الرموز الدينية في مؤسسات التعليم الجامعي ، وقع عليه أكثر من 30 نائبا في مجلس النواب .
وينص القانون الفرنسي على العلمانية والرموز الدينية البارزة للعام 2004 على حظر ارتداء الرموز الدينية الواضحة في داخل المدارس الابتدائية والثانوية لكن لا يمنعها داخل الجامعات.
تعميم الحظر
وكانت المادة العشرون من القانون تحظر ممارسة العبادة في الأماكن المغلقة المخصصة لمؤسسات التعليم العالي، باستثناء المراكز المخصصة للدعاة أو القسيسين، والتي يجب أن تكون موضوع عقد رسمي بين الجمعيات الطلابية ورئاسة الجامعات، لكن النائب الجمهوري، ستيفان بيدنوير، قدم تعديلا يوسع حظر ممارسة العبادة هذه ليشمل كامل الأماكن داخل الجامعات وليس فقط أماكن التعليم. بما في ذلك الممرات والحدائق وغيرها من مباني الجامعات التي يمكن أن تقام فيها الصلوات.
وقال النائب بيدنوير في حديث لــ “سكاي نيوز عربية: ”إن الهدف من التعديل ليس أبدا التضييق على حرية العبادة ولكن إقامات العبادات في مكان غير مناسب لا تبدو مقبولة بالنسبة لنا، حيث يجب أن تمارس الطقوس الدينية في دور العبادة المخصصة لها وليس في الجامعات المخصصة للتعليم، ومع ذلك فإن هذا التعديل يأخذ في الاعتبار الطبيعة المحددة للتدريس في أقسام تدريس العلوم الدينية”.
وأضاف:” نحن لا نتحدث هنا عن حالات معزولة في بضع سنوات، بل عن أربعين هجوما على العلمانية وحياد المؤسسات الجامعية سنويًا تم تسجيلهم في الجامعات الحكومية، خلال السنوات الأخيرة. لذلك يجب أن تبقى الجامعات مكاناً للتعلم”.
كما أقر النواب المادة التي تلزم الجمعيات الطلابية التي ترغب في الاستفادة من مقرات في إحدى الجامعات بالتوقيع على عقد الالتزام بمبادئ الجمهورية وعلى رأسها العلمانية. كما تم إضافة بند جديد من قبل النائب الجمهوري ماكس بريسون حول حظر القوائم الانتخابية القائمة على الدين أو العرق داخل المؤسسات الجامعية.
وحذر بريسون، خلال المداولات العامة، من أنه “منذ عدة سنوات نشهد تطور مطالب مجتمعية، غالبا ما تكون ذات طابع ديني، ضمن قوائم انتخابية للمرشحين لانتخابات تمثيل الطلاب”.
وكان نواب الجمعية الوطنية ، الغرفة البرلمانية الأول، قد صادقوا في 16 فبراير الماضي، في قراءة أولى، بغالبية كبيرة على نص مشروع القانون ليتم إحالته على مجلس الشيوخ.
تداعيات
من جانبه يرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية بفرنسا، هادي يحمد، في حديث مع “سكاي نيوز عربية” أن السرعة التي تجري بها النقاشات والجدل الدائر حول مشروع قانون الانفصالية، وخاصة إصرار إدارة الرئيس ماكرون على حضور النقاش من خلال الوزراء ودفع الأغلبية البرلمانية لإقرار فصوله، يوحي بأن السلطات الفرنسية ستبدأ فصلاً جديداً في التعامل مع التيار الإسلامية، على نحو أكثر جذرية.
وأضاف يحمد:” خلال ست أيام حسم النواب قضايا شائكة تتعلق بمشروع القانون المتكون من 55 مادة، والتي تغذي مجالا واسعا جدا، وتهدف إلى زيادة الرقابة على الجمعيات الدينية وشفافية تمويلها، حيث سيكون عليها الخضوع للمراقبة الضريبية للتبرعات المالية الأجنبية التي تزيد على 10 آلاف يورو. وتعدد الزوجات، وشهادات العذرية والزواج القسري والكراهية عبر الإنترنت، وتقييد التعليم المنزلي بشدة. وتعزيز مبدأ الحياد في الخدمة العامة وداخل المؤسسات الحكومية”.
ويتابع يحمد: “أعتقد أنه سيكون لهذا القانون تداعيات جذرية على سلوك ونشاط التيارات الإسلامية في فرنسا من حيث طبيعة تمويلها ومضامين الدعاية التي تسوقها في وسائل الإعلام والإنترنت وداخل مؤسسات المجتمع المدني ودور العبادة، كما ستكون له تداعيات على بقية الول الأوربية التي يمكن أن تذهب في الطريق الفرنسي نحو إقرار قوانين وتشريعات تقيد عمل الجماعات الإسلامية كالنمسا وهولندا”.
وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد كشف في تقرير له صدر في يوليو 2020، عن أن “مؤيدي الإسلام السياسي يسعون إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا” من أجل “إنشاء الخلافة”، ويغذون في بعض المدن “نزعة انفصالية” خطيرة، من دون تقديم تفاصيل عن هذه الأعمال.
واقترح التقرير، الذي حررته عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي جاكلين أوستاش-برينيو، نحو 40 إجراء للحد من “التطرف”، من بينها منع التحريض والخطابات الانفصالية ومراقبة بعض المدارس والجمعيات، وتوعية المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام، مبدية قلقها إزاء الحركات الإسلامية المتشددة التي تدعي أنها غير عنيفة، لا سيما السلفية منها والإخوان .
المصدر : سكاي نيوز عربية