ودعا البيان الختامي لـ”برلمان البيجدي” بنكيران، الذي يعتبر من رموز الحزب ومؤسسيه، إلى التراجع عن قرار تجميد عضويته بالتنظيم الحزبي، و”العودة إلى المساهمة بفعالية إلى جانب باقي الأعضاء في المسار والأدوار الإصلاحية للعدالة والتنمية”.

وكان الأمين العام السابق للحزب، قد قرر تجميد عضويته داخل التنظيم الحزبي، بعد موافقة الحكومة التي يقودها حزبه برئاسة سعد الدين العثماني، على مشروع قانون لتقنين زراعة القنب الهندي  للاستعمالات الطبية والصناعية. كما قرر قطع علاقاته بعدد من قيادات الحزب بينهم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، قبل أن يعود عن هذا القرار.

ورفض المجلس الوطني أيضا الاستقالة التي تقدم بها رئيس المجلس ادريس اليزمي، في واقعة أخرى تكشف حجم الأزمة التي يتخبط فيها الحزب، وهو على أبواب استحقاقات تشريعية تعد حاسمة بالنسبة لمصيره السياسي.

وفي هذا السياق، جاء في تدوينة للقيادية والبرلمانية في حزب العدالة والتنمية،  أمينة ماء العينين، أنه في “هذه اللحظة يحتاج الحزب لكل أبنائه ومناضليه ومناضلاته ليسهموا في مساعدته على تجاوز الأزمة”.

وأضافت: “الحزب يعيش مخاضا كبيرا (…) ويقاوم حتى لا يتحول إلى رقم صغير كباقي الأرقام”.

تسجيل مسرب لبنكيران يعمق الشرخ

وقد اهتز البيت الداخلي للحزب، على وقع سجال جديد، بعد تسريب تسجيل صوتي للزعيم السابق للحزب بنكيران، أثناء حديث له مع عدد من برلمانيي الحزب، بخصوص مشروع قانون زراعة الكيف.

ويتضمن التسجيل الصوتي، تلميحا من بنكيران مفاده أنه سيغادر الحزب بصفة نهائية في حال صوت نواب العدالة والتنمية على القانون المذكور، حين عرضه على البرلمان.

واتجهت أصابع الاتهام للقيادي محمد يتيم، بتسريب التسجيل عبر مجموعة على تطبيق التراسل الفوري “واتساب” لقيادات بارزة للتنظيم الحزبي.

وقد سارع يتيم، المقرب من بنكيران، إلى نفي أن يكون هذا التسريب قد تم بـ”نية مبيتة”، مؤكدا أن الأمر يتعلق “بخطأ تقني”. وقد نشر يتيم النفي على حسابه بفيسبوك، كما أعادت الصفحة الرسمية للحزب نشر النفي.

وكان بنكيران ، الذي ترأس أول حكومة يقودها حزب إسلامي في المغرب (2017-2011) قد نهج سياسة التهديد والوعيد منذ طرح مشروع قانون الكيف للتداول، حيث أصدر بلاغات بخط اليد يعلن فيها عن تجميد عضويته بالحزب بعد مصادقة الحكومة على القانون، كما هدد بمغادرة الحزب بشكل نهائي في حال حظي بموافقة نواب حزبه.

ويرى مراقبون أن بلاغات الأمين العام السابق للتنظيم الحزبي، قد ساهمت بشكل كبير في الموقف الذي صدر عن المجلس الوطني الذي يعد أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني للحزب.

وقد عبر المجلس في البيان الختامي لدورته الاستثنائية، عن تحفظه من مشروع القانون المتعلق بتقنين زراعة القنب الهندي، ودعا إلى فتح نقاش عمومي وتوسيع الاستشارة المؤسساتية حول هذا القانون.

وفي قراءته لهذا الموقف، يرى المحلل السياسي عبد الحميد بنخطاب، أن التحفظ في اللغة القانونية والسياسية يعني ضمنيا القبول، معتبرا أن التحفظ الذي صدر عن المجلس الوطني هو بمثابة القرار الأقل ضررا و”الذي يحفظ ماء الوجه” بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الذي لن يكون قادرا على الوقوف في وجه هذا مروع القانون والذي يحظى ب”شبه إجماع سياسي”.

صراع مفتوح على قيادة المرحلة المقبلة

وفي تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، يرى المحلل السياسي نفسه، أن بنكيران “انتهى من الناحية السياسية” خاصة بعد مواقفه الأخيرة، لكنه ما يزال يملك أوراقا عديدة داخل الحزب كالشبيبة والجناح الدعوي وبعض الصقور الذين يرفضون الاستوزار.

ويعتبر المتحدث أن الصراعات الدائرة حاليا داخل حزب “القنديل” ليست جديدة، لكنها طفت إلى السطح مع اقتراب الانتخابات التشريعية، مضيفا “ما يجري هو تجاذبات حادة بين فصيلين، الأول بقيادة بنكيران الذي يحاول استعادة القيادة في مرحلة ما بعد الانتخابات، والثاني بقيادة الأمين العام الحالي للحزب ورئيس الحكومة سعد الدين  العثماني ، الذي يحاول الإبقاء على الوضع الحالي وتجنب أي انشقاقات قد تعصف بالحزب”.

ويعتبر المحلل السياسي أن الصراع داخل الحزب وصل إلى مرحلة من الاحتدام أصبح فيها “من المسموح توجيه الضربات واستعمال جميع الوسائل بما فيها تلك التي ليست معهودة ولا سليمة”.

“خطاب المظلومية”

ويرى بعض المراقبين أن حالة التجاذب التي يعيشها حزب “القنديل” قد تكون مجرد محاولة لاستقطاب تعاطف الناخبين في الاستحقاقات المقبلة، عبر تصوير الصراع الحالي على أساس أنه ناجم عن نقاش صحي ومحمود يعكس الديمقراطية داخل هياكل الحزب.

وتعليقا على هذا الموقف، يرى المحلل السياسي عبد الحميد بنخطاب، أن حزب العدالة والتنمية “عودنا على خطاب المظلومية كاستراتيجية للنأي  بنفسه عن أي مسؤولية سياسية، سواء تعلق الأمر بمشاكل البيت الداخلي أو بالنسبة لتدبير الشأن العمومي من خلال قيادة الحكومة”.

المصدر: سكاي نيوز عربية