بعد فتح تحقيق قضائي، دولة مالي تراسل مجلس الأمن الدولي على إثر تدمير الطائرة المسيرة التابعة لجيشها

بعد فتح تحقيق قضائي، دولة مالي تراسل مجلس الأمن الدولي على إثر تدمير الطائرة المسيرة التابعة لجيشها

عبدالقادر كتــرة

بعد الاعتداء الإرهابي والجبان على دولة مالي، قررت “باماكو” مراسلة مجلس الأمن الدولي على اثر تدمير الطائرة المسيرة التابعة للجيش المالي من قبل الجيش الجزائري وتصف ما حدث بالعمل العدائي المتعمد.

وجاؤ في رسالة ممثل البعثة الدائمة لجمهورية مالي لدى الأمم المتحدة المؤرخة بنيويورك، في 7 أبريل 2025 (رقم: 25-195-MPM/YHS-mk): “سعادة الرئيس، بأمر من سلطاتي، يشرفني أن أبعث إليكم مرفقاً البيان رقم 073 الصادر عن الحكومة الانتقالية لجمهورية مالي بتاريخ 6 أبريل 2025.

‏ومن خلال هذا البيان، تدين حكومة مالي بأشد العبارات تدمير طائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة والأمن المالية، وذلك في ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025، على التراب المالي، في منطقة تين زاواتين، ولاية كيدال، إثر عمل عدائي متعمد من قبل النظام الجزائري.

‏أرجو من سعادتكم إحالة هذه الرسالة ومرفقاتها إلى السادة أعضاء مجلس الأمن، ونشرها كوثيقة رسمية من وثائق المجلس.

‏وتفضلوا، سعادة الرئيس، بقبول فائق الاحترام والتقدير. توقع إيسّا كونفورو السفير، الممثل الدائم”

وتأتي هذه الرسالة بعد أن أمر النائب العام لدى القطب القضائي المتخصص في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود بمحكمة الاستئناف بالعاصمة المالية بفتح تحقيق قضائي عقب اسقاط الطائرة المسيرة من قبل الجيش الجزائري.

وجاء في البيان الصحفي للسلطان المالية “يُعلم النائب العام لدى القطب القضائي المتخصص في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود الرأي العام الوطني والدولي بأنه تم فتح تحقيق قضائي بخصوص أفعال الانتماء إلى جماعة أشرار، وأعمال إرهابية، وتمويل الإرهاب، وحيازة غير قانونية لأسلحة حربية وذخائر، والتواطؤ، وذلك عقب إعلان حكومة المرحلة الانتقالية وهيئة رؤساء دول اتحاد دول الساحل (AES) عن تدمير طائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة وقوات الأمن لجمهورية مالي، رقم التسجيل TZ_98D، ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025، في منطقة تنزواتين، دائرة أَبييبَره، ولاية كيدال.

ويهدف هذا التحقيق إلى تسليط الضوء على هذه الوقائع، والتعرف على الجناة المحتملين، والمتواطئين، والمساهمين، من أجل تقديمهم للعدالة.

وسيُعلن النائب العام في الوقت المناسب عن العناصر المستخلصة من التحقيقات التي ستُجرى، ويدعو السكان إلى التعاون من خلال تقديم أية معلومات مفيدة لأجهزته بالتنسيق مع الجهات المختصة الأخرى.”.

ويحمل الأمر توقيع أمادو بوكار توري النائب العام للجمهورية، باماكو في 8 أبريل 2025.

تثير مسألة دور الجزائر في أمن منطقة الساحل، خاصة في سياق الأزمات الأخيرة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو “جدلًا سياسيًّا وإعلاميًّا كبيرًا”، مع تباين الآراء بين المؤيدين للنظام الجزائري والمنتقدين لسياساته.

وتُعتبر الجزائر لاعبًا رئيسيًّا في استقرار المنطقة بسبب حدودها الطويلة مع مالي (أكثر من 1,400 كم) وتأثرها المباشر بانعدام الأمن في الساحل، وتجربتها التاريخية في مكافحة الإرهاب (مثل العشرية السوداء في التسعينيات)، ودعمها لاتفاقية الجزائر للسلام في مالي (2015) بين الحكومة والجماعات الطوارقية، والتي تُعتبر مرجعية دولية لحل النزاع.

تتهم حكومات الساحل (خاصة بعد صعود الأنظمة العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر) النظام العسكري الجزائري الشيطان المارق والخبيث بدعم جماعات طوارقية مسلحة في شمال مالي (مثل الحركة الوطنية لتحرير أزواد) عبر حدودها، مما يزيد من عدم الاستقرار، واستخدام ملف الأمن لتعزيز نفوذها الجيوسياسي في المنطقة.

من جهتها، تُنْكر الجزائر هذه الاتهامات وتصفها بـ “الافتراءات المُغرضة” لكن حكومات الساحل الانتقالية (المؤيدة لروسيا والمعارضة لفرنسا) تعتبر أن اتفاقية الجزائر “فشلت” في تحقيق الاستقرار، بل ساهمت في تقسيم مالي.

النظام العسكري الجزائري الجبان يبرر الوضع بأن الانسحاب الغربي واعتماد الحكومات على “مرتزقة فاغنر” هو سبب تفاقم الأزمة. في الوقت الذي يرفض تحالف دول الساحل (مالي وبوركينا فاسو والنيجر)، ويرى فيه تهديدًا لمصالحه، خاصة بعد إعلان هذه الدول انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) وتقاربها مع روسيا.

وتُحذِّر الجزائر من أن الاعتماد على القوات الأجنبية (مثل فاغنر) سيؤدي إلى “تفتيت المنطقة” في الوقت الذي تسعى – كأكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة – لقيادة إقليمية، لكن صعود تحالف AES يعزز منافسيها (مثل النيجر المدعومة من الغرب سابقًا).

وتواجه الجزائر تحديات اقتصادية (أزمة مالية منذ 2020) وبيروقراطية تعيق تنفيذ سياسات إقليمية طموحة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *