حوار “رفع الراية البيضاء” للرئيس الجزائري “حفيد بوبغلة” لفرنسا وإعلان عن استعداده “الذهاب إلى كانوسا” لطلب المغفرة من “ماكرون”
سبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن استبعد زيارة فرنسا التي أرجئت مرارا منذ مايو 2023، والتي كانت مقررة بين نهاية شتنبر ومطلع أكتوبر 2024، وذلك على خلفية تجدد التوتر بين البلدين عقب إعلان فرنسا في يوليوز دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية المتنازع عليها.
وقال تبون في مقابلة تلفزيونية، السبت 5 أكتوبر 2024: “لن أذهب إلى كانوسا”، وفق وكالة فرانس برس.
وشاع تعبير “الذهاب إلى كانوسا” الذي أطلقه المستشار الألماني بسمارك في نهاية القرن التاسع عشر، ويعني “طلب المغفرة”.
وفي الاستخدام الحديث يشير “الذهاب إلى كانوسا” إلى فعل من أعمال الكفارة أو الخضوع.
إن تعبير “الذهاب إلى كانوسا” هو تعبير يصف القيام بالتكفير عن الذنب، غالبًا مع الإشارة إلى أنها غير راغبة أو قسرية.
على سبيل المثال استخدم “أدولف هتلر” هذا التعبير لوصف اجتماعاته مع رئيس الوزراء البافاري هاينريش هيلد بعد إطلاق سراحه من سجن لاندسبيرج في محاولته لرفع الحظر عن الحزب النازي. في عام 1938 دعا “السير روبرت فانسيتارت” لقاء رئيس الوزراء “نيفيل تشامبرلين” مع هتلر في “بيرشتسجادن” “مثلما ذهب هنري الرابع إلى كانوسا مرة أخرى”
لكن “خطاب الوداع” والانبطاح والاعتذار والتودد للرئيس الجزائري الذي رفع فيه “الراية البيضاء” لباريس …، خطاب أو حوار باللغة الفرنسية موجه لفرنسا وليس للشعب الجزائري، حتى يفهمه جميع الفرنسيين، حوار يفضح نفسيته المهزوزة عبر قسمات وجهه وحركاته التي تنم عن شعور بالخوف والرعب، ونبرات كلماته توحي بالتررد والخوف من سقطاته المعتادة.
قراءة تحليلية لهذا التحول المفاجئ لا تحتاج إلى التحليل السياسي والإستراتيجي، بقدر ما أنه تحتاج إلى التقييم النفسي و الذهني، لكمية التناقضات التي جعلت المتابعين للشأن الجزائري يعتبرونه حوار “الراية البيضاء و لقاء الاستسلام والانبطاح” لفرنسا، و إعلانا رسميا عن تراجع الجزائر خطوتين إلى الوراء وبالضبط إلى مرحلة ما قبل الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية …. أو بالأحرى هو إعلان عن استعداده “الذهاب إلى كانوسا” لطلب المغفرة من “ماكرون”.
تحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء السبت 22 مارس الجاري، في لقائه الدوري مع الإعلام الجزائري عن عدد من القضايا والملفات التي تخص الشأن الداخلي وكذا المستجدات على المستوى العربي والدولي، تناقلت وسائل الاعلام الفرنسية فقرات من حواره تخص العلاقات الجزائرية الفرنسية.
وفي خضم الأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر التي أثارت ردود فعل سياسية عديدة، أكد عبد المجيد تبون أنه “يعمل” مع الرئيس الفرنسي وأن ما يحدث خارج هذا الإطار “لا يعنيه”.
وأكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مساء السبت أن “المحور الوحيد” لتسوية الخلافات في الأزمة الحادة بين بلده وفرنسا (القوة الاستعمارية السابقة) هو نظيره إيمانويل ماكرون.
وقال تبون خلال المقابلة بُثت على التلفزيون الجزائري: “حتى لا نقع في الضجيج أو الفوضى السياسية هناك (في فرنسا)، سأقول ثلاث كلمات فقط: نحن نحتفظ بالرئيس ماكرون كمحورنا ومرجعيتنا الوحيدة”.
وأضاف: “كانت هناك لحظة سوء تفاهم، لكن يبقى الرئيس الفرنسي، وجميع المشاكل يجب أن تُحل معه أو مع من يفوّضه، أي وزراء الخارجية فيما بينهم”.
واعتبر تبون أن النزاع الحالي “مُختلق بالكامل” دون تحديد الجهة المسؤولة، لكنه أكد أن الأمر بات الآن “بين أيدٍ أمينة”، مشيرًا إلى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الذي “يتمتع بثقتي الكاملة”. وقد وصفت بيانات صادرة عن وزارته الجزائر بأنها ضحية “مؤامرة من اليمين الفرنسي المتطرف الحاقد والكاره”.
وأكد تبون: “نحن أمام دولتين مستقلتين، قوة أوروبية وقوة أفريقية، ولدينا رئيسان يعملان معًا، والباقي لا يعنينا”.
وأكد تبون خلال المقابلة: “صداقة فرنسا مع المغرب لا تزعجنا إطلاقًا، خلافًا لما يُقال”.
وختم بالقول: “علينا الحفاظ على العقلانية، لدينا علاقات ممتازة وأصدقاء كُثر في فرنسا يحبون الجزائر”.
السؤال الذي تم تداوله عبر المنصات الحوارية في مواقع التواصل الاجتماعي، حسب ما توصل إليه رواد الشبكة الجزائريون والبوليساريون المصدومون:
ما الذي أفزع الرئيس الجزائري و جعله يُعجِّل باللقاء الصحفي الذي كان مبرمجا إلى ما بعد منتصف الشهر القادم؟؟؟؟ و ما هي الرسالة التي أبلغتها فرنسا إلى الجزائر بعد فشل الوساطة التونسية؟؟؟
ننقل هذه الخلاصة التي توصل إليها أحد المواقع الإلكترونية الموالية للنظام الجزائري والبوليساريو: “عقد هذا اللقاء الصحفي بعد أسبوع فقط من البيان التحذيري بخصوص التمرين العسكري بين الجيشين المغربي والفرنسي، وبعد يومين فقط من النطق بحكم يُدين المعتقل “بوعلام صنصال” بـ 10 سنوات سجنا، وأيضا جاء بعد أربعة أسابيع عن الحوار الذي خصّ به الرئيس الجزائري جريدة “لوبينيون” الفرنسية، والذي قال فيه بلغة عنترية أنه حذر الرئيس “ماكرون” من ارتكاب خطأ الاعتراف بسلطة الرباط على الصحراء الغربية، وأضاف أن أسباب الخلاف بين الجزائر وفرنسا تعود لهذا الموقف الذي يُزكي نفوذ الرباط، وأن شرط إعادة العلاقات مع باريس، هو سحب الاعتراف الفرنسي الذي قوى نفوذ الرباط في المنطقة…، لكن – و بعد أقل من شهر على تلك التصريحات القوية للرئيس الجزائري- يعود الرجل ليعقد ندوة صحفية مع الإعلام الجزائري، و يقول بلغة فرنسية واضحة حتى يفهم القادة الفرنسيين دون تأويل لخطابه، أنه لا مشكلة له مع الاعتراف الفرنسي بسلطة الرباط على الصحراء الغربية وأن مقترح الحكم الذاتي هو في الأصل خطة فرنسية، وأن باريس لا تخفي صداقتها العميقة مع الرباط، و هذا كله أمر طبيعي و لا يُثير غيرة و غضب النظام الجزائري… !!”.
الأسرار التي تمكن من الحصول عليها، انفس المصدر، والتي تقول أن هذه التصريحات – الأجوبة على ما تم الاتفاق عليه بخصوص الحوار الصحفي مع الفريق الإعلامي الجزائري، “جاءت بعد توقف أو بالأحرى فشل الوساطة الدبلوماسية التونسية لترميم الخلاف بين قصري الإليزيه والمرادية، وعجز الخارجية التونسية عن إقناع باريس أن تونس أيضا ترى في الاعتراف الفرنسي تقوية للجبهة المغربية المدعومة أمريكيا وإسرائيليا، وإضعافا للجبهة التونسية – الجزائرية التي تخدم ما تبقى لفرنسا في إفريقيا من نفوذ…، و أن تونس – هي الأخرى- ترى بأن على فرنسا أن تُعيد الوضع إلى سابق عهده حتى يعود التوازن إلى شمال إفريقيا”.
ويضيف الموقع الإلكتروني: “لكن المستجد في الوساطة التونسية أن باريس حمّلت تونس رسالة إلى قصر المرادية تقول بأن فرنسا تفكر جديا في إصلاح أخطائها التاريخية والجغرافية في المنطقة المغاربية، و أن تعيد الحقوق الترابية والسياسية إلى أصحابها، بما فيها حقوق “الشعب لقبايلي”، وأن ما تفعله حاليا واشنطن مع كيب الغربية بجنوب إفريقيا لحماية السكان البيض من ممارسات الأفارقة السود، يجب أن تقوم به باريس مع لقبايليين لحمايتهم”.
حكومة الظل في الجزائر استشعرت الخطر مما توصلت به من رسائل عبر تونس، خصوصا وأن فرنسا ظلت متمسكة بشرطيها من أجل إصلاح العلاقات مع الجزائر، وهما إطلاق سراح المعتقل “بوعلام صنصال” دون قيد أو شرط، والقبول بترحيل الجزائريين الموقوفين فوق التراب الفرنسي…
الرئيس الجزائري يريد تسريع إصلاح العلاقات مع باريس بأي ثمن حتى يفاوض “ماكرون” على الصمت في قضية “صنصال”، لدرجة أنه أشار إلى العلاقات الجزائرية الإسبانية لتبسيط الأمر وجعله ممكن التكرار مع باريس، حيث قال أن العلاقات مع مدريد عادت إلى طبيعتها،….أو أنه يشير إلى وساطة أوروبية هذه المرة تقودها مدريد، و الدليل أنه قال بأن لا نية له للضغط باستعمال ورقة الغاز، و هذا تنازل جديد و محاولة لتليين موقف الإليزيه الذي أعلن أن لديه مصادر متنوعة للغاز، كرد على تلويح الرئيس الجزائري بشروطه لإصلاح العلاقات في حواره مع الإعلام الفرنسي.

