ملتقى عالمي بواجهة براقة ومحتوى متآكل: واقع مركز المحاكاة الطبية بكلية الطب بوجدة

ملتقى عالمي بواجهة براقة ومحتوى متآكل: واقع مركز المحاكاة الطبية بكلية الطب بوجدة

تستقبل كلية الطب والصيدلة بوجدة أيام 20-21-22 مؤتمر التدريب والابتكار في مجال الرعاية الصحية، في خطوة تُظهر انفتاح المؤسسة على التطورات الحديثة في مجال التعليم الطبي. إلا أن ما أثار استغراب طلبة وأساتذة  هو التحضير السريع والمكثف الذي شهدته تجهيزات المركز في الأيام التي سبقت المؤتمر بقليل، حيث تم تحديث المكاتب وإعادة ترتيب القاعات لتبدو في أبهى حلّة أمام الوفود الزائرة.

لكن خلف هذه الصورة الزاهية، يبرز واقع مختلف تمامًا يعكس المفارقة الصارخة بين المظهر والمضمون. فمركز المحاكاة الطبية، الذي يُفترض أن يكون فضاءً حيويًا لتكوين الطلبة وتدريبهم على مهارات طبية متقدمة، يفتقر إلى أبسط المعدات الضرورية التي تتيح للطلبة الاستفادة الفعلية منه. فالأجهزة المتوفرة قديمة وغير جاهزة للاستعمال، ولم يتم تحديثها منذ سنوات، مما يحرم الطلبة من تجربة عملية تتماشى مع التطورات الحديثة في المجال الطبي.

والمفارقة الأكبر أن هذا المركز لا يُستخدم فعليًا في التكوين البيداغوجي للطلبة، حيث لا تُعقد فيه حصص دراسية منتظمة، ما يجعله مجرد فضاء مهجور يُفتح استثنائيًا عند المناسبات الرسمية. وزاد الأمر غرابةً، أنه خلال التحضيرات للمؤتمر، تم نقل معدات الإعلاميات من مكاتب ومراكز الندوات وعرضها داخل مركز المحاكاة على أساس أنها تجهيزات خاصة به، في خطوة تعكس محاولة لتجميل الصورة وإظهار المركز وكأنه مجهز بأحدث الوسائل، رغم أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا.

كما أن أغلب المعدات المكتبية التي تم تجهيز المركز بها مؤخرًا لم تكن جزءًا من خطة تطوير فعلية، بل تم شراؤها فقط قبل افتتاح الملتقى عن طريق سندات الطلب، مما يثير التساؤلات حول تدبير الموارد المالية والأولويات الحقيقية للمؤسسة. فبدلًا من توجيه هذه الميزانيات لتحديث الأجهزة البيداغوجية اللازمة لتكوين الطلبة، تم إنفاقها على مكاتب وتجهيزات شكلية لا تخدم الهدف التعليمي الذي أنشئ المركز من أجله.

هذه الممارسات تطرح تساؤلات جدية حول أولويات إدارة الكلية ومسؤولي المركز: هل الغاية من التحسينات السطحية هي خدمة الطلبة والرفع من جودة التكوين الطبي، أم أنها مجرد خطوة تجميلية تهدف إلى كسب رضا الزوار والوفود الأجنبية؟ ولماذا لم يتم تخصيص الموارد المالية والجهود لتجديد المعدات البيداغوجية بدلًا من التركيز على الشكل دون المضمون؟

طلبة وأطر تدريس يطالبون بإصلاحات جوهرية تعيد لمركز المحاكاة دوره الحقيقي في التعليم الطبي، بدلًا من أن يكون مجرد ديكور يُستعرض عند الضرورة. فالتعليم الطبي لا يُبنى على العروض المؤقتة، بل على استراتيجيات طويلة الأمد تضمن تكوين أطباء أكفاء قادرين على مواجهة التحديات الصحية المستقبلية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *