القضاء الفرنسي ينظر في طلب الجزائر بتسليم “أكسيل” اليد اليمنى لرئيس “حركة استقلال القبائل”

عبدالقادر كتــرة
نظرت محكمة الاستئناف في باريس، يوم الأربعاء 19 فبراير، في طلب تسليم معارض ومسؤول رفيع في حركة تقرير مصير القبائل (MAK) الذي يتهم بـ”أعمال إرهابية”، وفق ما علم من مصدر قضائي، حيث يتعين على غرفة التسليمات إصدار قرارها في 2 أبريل، وفق نفس المصدر.
ويتهم القضاء الجزائري “أكسل بلعباسي”، البالغ من العمر 42 عامًا، يتهمه القضاء الجزائري بارتكاب 14 جريمة، بعضها يعرضه لعقوبة الإعدام.
وإذا كانت عقوبة الإعدام منصوص عليها في القانون الجزائري، إلا أنها لم تعد تُطبق بموجب وقف تنفيذ ساري المفعول منذ عام 1993. ويتهم النظام العسكري الجزائري الرجل الثاني في حركة استقلال منطقة القبائل المحتلة “أكسل بلعباسي، ظلما وبهتانا، بتدبير الحرائق التي أودت بحياة 90 شخصًا على الأقل ودمرت آلاف الهكتارات في أغسطس 2021 في منطقة القبائل. كما يُشتبه في كونه “المحرض” على قتل الفنان التشكيلي البالغ من العمر 38 عامًا، جمال بن اسماعيل، الذي جاء لمساعدة السكان في إطفاء الحرائق وتم تقديمه خطأً للجمهور على أنه مُحرق.
وبعد استكمال المعلومات الذي أمرت بها في 2 أكتوبر، تلقت غرفة التسليمات، من بين الردود على النقاط المطروحة، طلبًا جديدًا للتسليم يتعلق بتنفيذ عقوبة السجن المؤبد التي صدرت في 24 نونبر 2022 من قبل محكمة الجزائر.
هذه الإدانة تتعلق بنفس الوقائع ونفس الجرائم تقريبًا التي تم تفصيلها في طلب التسليم الأول الذي قدمته الجزائر في شتنبر 2021، كما أوضح أحد المساعدين خلال الجلسة التي عقدت في ديسمبر.
أكسل بلعباسي، الذي يعتبر من أنصار “حركة تقرير مصير القبائل” منذ عام 2007، هو اليد اليمنى لفرحات مهني، رئيس الحركة الذي تتهمه الجزائر بأن لديه أهدافًا “انفصالية” ويصنف كمنظمة “إرهابية”.
وهو واحد من ستة عشر عضوًا من الأحرار في الحركة يعتبرون “إرهابيين” من قبل النظام العسكري الجزائري منذ فبراير 2022، وقد تمت إدانتهم عدة مرات في غيابهم في الجزائر.
الرجل المطلوب من قبل السلطات الجزائرية يعيش في فرنسا منذ عام 2012 ولم يعد إلى الجزائر منذ غشت 2019.
قضية “أكسل بلعباسي”، أحد كوادر حركة تقرير مصير القبائل (MAK)، تثير اهتمامًا دوليًا بسبب طلب التسليم الذي قدمته الجزائر وتدرس محكمة الاستئناف في باريس النظر فيه.
وتأتي قضية “اكسيل” المغلفة بتهم مفبركة واهية وطلب التسليم في سيق خاص والملف لا يتضمن أدلة ولا براهين الأمر الذي ظفع بالمحكمة الفرنسية إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات القضائية حيث واصلت محكمة الاستئناف في باريس دراسة وطلبت أدلة إضافية من السلطات الجزائرية، مؤكدة أن المعلومات المقدمة كانت غير كافية لتبرير التسليم.
ويعكس هذا الطلب شكوك القضاء الفرنسي حول متانة الاتهامات الموجهة ضد بلعباسي ومصداقية النظام العسكريالجزائري.
وتندرج قضية “بلعباسي” في سياق سياسي متوتر بين الجزائر وحركة تقرير مصير القبائل، التي وصفتها السلطات الجزائرية بأنها “إرهابية” منذ فبراير 2022.
أنصار بلعباسي والحركة أدانوا ما يعتبرونه قمعًا سياسيًا واستخدامًا للقضاء لإسكات المعارضة القبائلية. ونظمت الحركة القبائلية تظاهرة احتجاجية في باريس، أول أمس الأربعاء 19 فبراير 2025، بمشاركة تجمع في ساحة سان ميشيل، تعكس التزام الجالية القبائلية بالدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير.
“بلعباسي” الذي يعيش في فرنسا منذ عام 2012، تم الإفراج عنه من قبل القضاء الفرنسي في يونيو 2024، مما يمثل انتصارًا رمزيًا لأنصاره وفرصة للدفاع عن المعتقلين القبائليين المحكوم عليهم بالإعدام في الجزائر وكشف ظلم النظام الجزائري.
ومع ذلك، فإن تسليمه إلى الجزائر، إذا تمت الموافقة عليه، قد تكون له عواقب وخيمة نظرًا للاتهامات الموجهة ضده والسياق السياسي في الجزائر.
ويثير طلب التسليم تساؤلات حول استقلالية القضاء وحقوق الإنسان. ومن ناحية أخرى، يبدو أن القضاء الفرنسي يطالب بأدلة قوية قبل اتخاذ قرار، مما يعكس نهجًا حذرًا يحترم حقوق المتهم. من ناحية أخرى، تبدو الاتهامات الجزائرية، وفقًا لبعض المراقبين، مدفوعة بأسباب سياسية تهدف إلى قمع الأصوات المعارضة وإضعاف حركة تقرير مصير القبائل.
في الختام، توضح قضية أكسل بلعباسي التوترات السياسية بين الجزائر والحركة القبائلية المكالبة بالاستقلال، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان والعدالة القضائية.
قرار محكمة الاستئناف في باريس، المتوقع في 2 أبريل 2025، سيكون حاسمًا لمستقبل بلعباسي وقد يكون له تداعيات على العلاقات الفرنسية-الجزائرية وقضية القبائل.