تقول الجراري وهي خبيرة في الزراعة  البيولوجية والصديقة للبيئة لـ”سكاي نيوز عربية”، “تخليت عن وظيفتي حتى أتفرغ لتطوير الزراعة البيولوجية والتعريف بها، واستغرب الكثيرون قراري حينها، غير أن الأيام أثبتت أنني كنت على صواب، و نشهد اليوم بداية وعي متزايد بأهمية الزراعة البيولوجية “

وتخصص فطومة وهي ناشطة مدنية أيضا، مساحة زراعية قدرها هكتار واحد ضواحي مدينة الدارالبيضاء  لإنتاج مواد عضوية، كما تعمل عبر جمعيتها “الأرض والإنسانية ” على نقل خبرتها إلى الفلاحين وتوعيتهم بأهمية هذه زراعة في الحفاظ على البيئة.

وفي غضون السنوات العشر الأخيرة، بدأ العديد من المزارعين المغاربة يتوجهون نحو الزراعة البيولوجية، حيث انتقلت المساحة المزروعة من 4000 هكتار سنة 2010 إلى ما يقارب 12 ألف هكتار اليوم.

وكان من بين أهداف مخطط “المغرب الأخضر 2008-2020” الوصول إلى 40 ألف هكتار، فيما تطمح استراتجية “الجيل الأخضر 2020-2030” إلى بلوغ 100 ألف هكتار.

منافع صحية وبيئية

يقوم نظام الزراعة البيولوجية بشكل أساسي على تجنب استخدام المبيدات والمواد الكيماوية والأسمدة الصناعية المركبة إلى جانب المخصبات الحيوية، والاعتماد في مقابل ذلك على مواد بديلة من قبيل الأسمدة العضوية وبقايا المحاصيل، و غيرها من المكونات الطبيعية التي تساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية ولا تشكل أي خطر على البيئة.

تعتبر فطومة الجراري، أن الحفاظ على البيئة رهين بالاستغلال الصحيح والمعقلن لمواردها، مشددة على أهمية الزراعة البيولوجية في تحقيق التنمية المستدامة.

وتؤكد الناشطة المدنية  أن “الإقبال على المنتجات البيولوجية كان يقتصر في السنوات الماضية على الأشخاص الذين كانوا يعانون من مشاكل صحية، ويتبعون نظام غذائيا عضويا، غير أن دائرة المستهلكين اتسعت اليوم لتشمل جمع الفئات من المغاربة”

وتشير المتحدثة إلى أن الطلب المتزايد على المنتجات العضوية في السوق العالمي، دفع المغرب للاهتمام بتطوير قطاع الزراعة البيولوجية واستغلال إمكانياته الطبيعية قصد تسخيرها في هذا المجال عبر التخطيط للرفع من المساحة المخصصة لهذا النوع من الزراعة.

في المقابل، تشدد الجراري على ضرورة العمل على تقوية الطلب الداخلي من خلال نشر ثقافة “المنتج العضوي” في أوساط المغاربة والتوعية بمنافعها الصحية و دورها في الحفاظ على البيئة.

أسلوب حياة

ارتفاع الطلب على المنتجات العضوية؛ سواء المحلية أو المستوردة، فساهم في ظهور متاجر خاصة ببيع وتسويق ما بات يعرف منذ سنوات بعلامة “الأورغانيك” والتي تلقى إقبالا متزايدا من قبل المغاربة.

زهراء زبونة لأحد هذه المتاجر البيولوجية وسط مدينة الدار البيضاء. تقول لموقع “سكاي نيوز عربية”، ” منذ 3 سنوات وأنا أتبع هذا النمط الغذائي، ولا أجد أي صعوبة في توفير كل ما يلزمني من المواد العضوية، وذلك بفضل وجود المتاجر التي توفر مستلزمات القفة الغذائية من كل ما يلزم من خضر وفواكه وبيض ولحوم بيضاء وغيرها”.

وتضيف الشابة البالغة من العمر 32 عاما  أنه  وبالرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية العضوية مقارنة مع المواد المنتجة بأساليب تقليدية، فإن خلوها من المواد الكيميائية التي تجنب الإصابة بمشاكل صحية، تزيد من الاقبال عليها”.

ويشكل اختيار هذا النمط من الغذاء بالنسبة لزهراء قناعة صحية وأسلوب حياة، وتقول ” يساعدك قرار القطع مع المواد المنتجة تقليديا واستهلاك المواد البيولوجية، في الحفاظ على الصحة ويمنحك إحساس العيش في سلام مع الطبيعة”.

توحيد جهود المنتجين

في إطار انخراط المغرب في مسار تطوير وتشجيع قطاع الزراعة البيولوجية، دعت وزارة الزراعة المنتجين البيولوجيين إلى توحيد جهودهم في إطار تكتل رأى النور، مؤخرا، تحت اسم الاتحاد المغربي للمنتجين البيولوجيين.

يقول رضا الطاهري، رئيس اتحاد المنتجين البيولوجيين في المغرب، أن الهدف من إحداث مثل هذا التنظيم الجديد يتمثل في العمل على بناء استراتيجية للنهوض بهذا القطاع على المستوى الوطني عبر المواكبة والتنسيق و تقديم الدعم و الإرشاد.

ويشدد الطاهري على “ضرورة توحيد الجهود من أجل المساهمة في الرفع في المساحات المخصصة للزراعة البيولوجية والتي لا تتعدي حاليا 12 ألف هكتار، والوصول إلى الهدف الذي تسطره استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″ والمتمثل في الوصول إلى 100 ألف هكتار في غضون العشر سنوات القادمة”.

وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” يؤكد رئيس اتحاد المنتجين البيولوجيين، أن المغرب يتوفر على كل المقومات التي تمكنه من توسيع رقعة الزراعة البيولوجية، بما يفوق المساحات الحالية بآلاف الهكتارات.

ويدعو المتحدث إلى العمل على نشر ثقافة المنتجات العضوية وتعزيز الوعي لدى المستهلكين المغاربة بأهمية المنتجات البيولوجية سواء على الصحة أو البيئة.

شروط إنتاج صارمة

من جهة أخرى، يشير رضا الطاهري، إلى  وجود صعوبة لدى الكثير من المستهلكين في التمييز بين المنتوج “البلدي” و”العضوي”، موضحا أن المنتجات العضوية تخضع لشروط ومعايير إنتاج صارمة، فضلا عن متابعة لجميع مراحل إنتاجها من طرف الجهات الصحية المختصة، قبل أن تصل إلى المستهلكين.

وكان المغرب قد اعتمد منذ سنة 2013 قانونا خاصا، لتنظيم عملية الإنتاج البيولوجي للمنتجات الزراعية والمائية، ويفرض وفق هذا القانون على كل شخص يعمل في الزراعية البيولوجية أن يخصص لها أماكن معزولة وبعيدة عن مزارع المنتجات غير البيولوجية.

كما يلزم هذا القانونُ المنتجَ البيولوجيَ، بضمان تعريف تلك المنتجات في كل مراحل تهيئتها، لأجل تفادي خلطها بالمنتوجات غير البيولوجية أو تلويثها بمواد غير مرخص باستعمالها في نمط الإنتاج البيولوجي.

المصدر: سكاي نيوز عربية