غييرمو لاسو .. مصرفي سابق في مهمة تحديد وجهة الإكوادور الجديدة
هذه هي المرة الأخيرة التي سأترشح فيها لرئاسة الإكوادور. كانت هذه جملة من بين الجمل التي كان يرددها غييرمو لاسو الستيني على مسامع أنصاره والمترددين في التصويت لصالحه وهو يجوب البلاد يقدم مشاريعه ومقترحاته الانتخابية، التي يراها أنها وحدها الكفيلة بإخراج البلد الجنوب أمريكي من أزمته الاقتصادية التي فاقمها وباء كورونا.
المصرفي السابق، الذي تمكن أمس الأحد من الفوز بالانتخابات الرئاسية، جعل من الدعوة إلى الوحدة والحوار بين جميع الإكوادوريين شعار حملته الانتخابية، بل ووصفة بمقدورها حل المشاكل التي تعاني منها الإكوادور، لاسيما الاقتصادية منها وتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من التفاوتات الاجتماعية، وهي معضلة لا تعاني منها الإكوادور وحدها بل كل بلدان المنطقة واستفحلت مع وصول وباء كورونا.
ولم يكن السياسي المحافظ يفوت أي فرصة تتاح له إلا ويهاجم اليسار الذي فقد، برأيه، نجاعته ويروج لأفكاره ومقترحاته التي صاغها في 2012 في شكل حركة سياسية يمينية وسطية هي “كرياندو أبورتونيداديس” (خلق فرص) المعروفة اختصارا ب “كريو”، إلا أن مقترحات السياسي المحافظ لم تحظ في انتخابات 2013 و2017 بالدعم الشعبي اللازم الذي يوصله إلى كرسي الحكم.
فبعد المحاولتين المذكورتين، تمكن لاسو أخيرا من تصدر نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية والفوز بفارق خمس نقاط مئوية عن منافسه اليساري الشاب أندريس أراوس (36 عاما)، مما يعني أن الإكوادور باتت أمام منعطف جديد في سياستها، لاسيما وأنها لم تحكمها أي حكومة يمينية منذ سنوات.
انتصار لاسو الواضح فاجأ المراقبين في الإكوادور والمنطقة، خاصة وأن أراوس كان قد تصدر الجولة الأولى، التي أجريت في 7 فبراير الفائت، بفارق 13 نقطة مئوية تقريبا عن المصرفي السابق، الذي اعتبر فوزه تجسيدا لرغبة الإكوادوريين في سلك مسار جديد مختلف تماما عن ذلك الذي سلكته البلاد خلال السنوات ال 14 الماضية.
وأمام أنصاره بغواياكيل، معقله السياسي، قال الرئيس المنتخب: “ابتداء من 24 ماي المقبل (تاريخ تسلمه مقاليد الحكم)، سوف نتحمل بمسؤولية تحدي تغيير مصير وطننا وتحقيق فرص الازدهار التي نتطلع لها جميعا في الإكوادور”.
ويجر لاسو، الذي ترعرع في أسرة من الطبقة المتوسطة بغواياكيل، تجربة كبيرة في القطاع العام كما في الخاص لاسيما في القطاع البنكي، قبل أن يقرر في 2012 الاستقالة من إدارة إحدى المؤسسات المالية الوطنية وينذر نفسه للسياسة رغم أن ماضيه كمصرفي كان دائما سيفا ذا حدين.
فخصومه يذكرونه بأنه كان وزيرا في عام 1999 في حكومة الرئيس الأسبق جميل معوض، صاحب فكرة اعتماد الدولار كعملة رسمية للبلاد بعد أسوأ أزمة مالية في البلاد، والتي كانت لها عواقب وخيمة على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. يرد الحاكم الأسبق لإقليم غواياس (1998-1999) على منتقديه بالقول إنه لم يعمر في المنصب أكثر من شهر بسبب خلافاته مع الرئيس الأسبق.
مهمة لاسو الجديدة لن تكون يسيرة إذ أن البلاد غارقة في ديون تقدر بنحو 70 مليار دولار، تنضاف إليها تداعيات وباء كورنا التي تسببت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر، بالإضافة إلى ضعف القطاع الخاص. وفي حديثة عن هذا الوضع، يستحضر المصرفي السابق خبرته المهنية ويعرض التخلص من فكرة ما يسمى بـ “اشتراكية القرن ال 21” للرئيس الأسبق رفاييل كوريا، الذي يواجه حكما بالسجن ثماني سنوات لإدانته في قضية فساد، وتلميذه أندريس أراوس.
قال لاسو، المدافع القوي عن اقتصاد السوق، قبل أيام: “أريد أن أصبح رئيسا لتعميق التغيير الذي يسمح لنا بالنظر إلى العالم دون خوف لأن هناك فرصتنا للنمو”.
أما عن السياسية الخارجية التي يبتغيها للإكوادور، فيدعو إلى الانفتاح دون تحيزات إيديولوجية وإرساء علاقة خاصة مع الولايات المتحدة، الشريك الأساسي لبلاده.
لقد استطاع لاسو إقناع الناخبين بمشروعه الانتخابي الذي يبشر فيه ببناء إكوادور جديدة تسع كل أبنائها و”خلق فرص الأعمال والتوظيف”، لكن مهمة كهذه في سياق كهذا متسم بأزمة اقتصادية لا تبدو يسيرة ولإنجازها يقول المصرفي السابق “نحن بحاجة إلى أن نكون متحدين ودعم الجميع”.
و.م.ع