دولة مالي ترفع دعوى قضائية ضد النظام العسكري الجزائري العدواني الإرهابي أمام محكمة العدل الدولية

دولة مالي ترفع دعوى قضائية ضد النظام العسكري الجزائري العدواني الإرهابي أمام محكمة العدل الدولية

عبدالقادر كتــرة

رفعت حكومة مالي الانتقالية دعوى قضائية ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، تتهم فيها الجزائر بإسقاط طائرة مسيرة تابعة للقوات المسلحة المالية كانت في مهمة استطلاع بالقرب من الحدود بين البلدين.

هذه الواقعة حدثت في ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025 قرب منطقة “تين زاوتين” الحدودية بإقليم كيدال في مالي .

منطقة “تين زاوتين” تقع في أقصى شمال شرق دولة مالي على الحدود الجزائرية، وهي منطقة صحراوية ذات حساسية أمنية عالية.

وتشترك مالي والجزائر في حدود برية طولها 1300 كيلومتر، مما يجعل إدارة هذه الحدود وتأمينها تحدياً كبيراً للطرفين .

عام 2015، كانت الجزائر قد توسّطت في توقيع “اتفاق الجزائر” للسلام بين الحكومة المالية والمتمردين في الشمال، لكن الوضع الأمني ظل هشاً .

وتدهور العلاقات منذ 2023، حيث ازدادت العلاقات سوءاً بعد استضافة الجزائر للإمام المالي البارز محمود ديكو، الذي تعتبره السلطات المالية تهديداً لأمنها، انتهت بإلغاء اتفاق السلام مما زاد من حدة التوتر بين البلدين .

واقعة إسقاط الطائرة المسيرة فجرت العلاقات ببن دولة مالي والجزائر بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، حسب روايتها، أن وحدة دفاع جوي تمكنت من رصد وإسقاط طائرة استطلاع مسيرة (من طراز أكينجي) بعد اختراقها المجال الجوي الجزائري لمسافة 2 كيلومتر قرب مدينة تين زاوتين الحدودية .

دولة مالي نفت انتهاك طائرتها المسيرة للمجال الجوي الجزائري، وأكدت أن الحطام وجد داخل الأراضي المالية على بعد 10 كيلومترات من الحدود. وصفت مالي الحادث بأنه “تدمير متعمد” لطائرةها المسيرة (مسجلة تحت رقم TZ-98D) .

استندت دولة مالي في دعواها على عدة أسس قانونية، انتهاك مبدأ عدم استخدام القوة واستشهدت بالقرار A/RES/29/3314 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1974، والذي يدعو إلى عدم اللجوء للقوة في العلاقات الدولية .

واتهمت مالي الجزائر بانتهاك أحكام هذه المواثيق الدولية والإقليمية، وذلك بخرق ميثاق الأمم المتحدة والميثاق التأسيسي للاتحاد الأفريقي.

ووصفت دولة مالي الحادث بأنه عمل عدائي واعتداء سافر يهدف إلى عرقلة عملياتها ضد الجماعات الإرهابية، واتهمت الجزائر بـ”الحفاظ على تواطؤ غير سليم” مع الجماعات الإرهابية المسلحة في المنطقة .

هذه الواقعة تؤجج التوتر في منطقة هشة أصلاً، وتعيق التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب، فيما أظهرت بوركينا فاسو والنيجر تضامناً مع مالي بسحب سفرائهما من الجزائر .

من المتوقع أن تستغرق القضية وقتاً طويلاً، وقد تتطلب أدلة ملموسة على موقع سقوط الطائرة في الوقت الذي يستمر التوتر الذي قد يؤدي إلى مزيد من الإجراءات العقابية المتبادلة، مثل إغلاق المجال الجوي أو سحب السفراء .

خلاصة القول، قضية إسقاط الطائرة المسيرة بين دولة مالي والجزائر ليست مجرد حادث عسكري معزول، بل هي تعكس تصاعداً خطيراً في التوترات الإقليمية في منطقة الساحل.

ومن الواضح أن هناك أزمة ثقة عميقة بين البلدين، تفاقمت بسبب الاختلافات في الرؤى الأمنية واتهامات بالتواطؤ مع الجماعات المسلحة.

ومن منظور قانوني، ستكون محكمة العدل الدولية أمام تحدي تحديد الحقائق على الأرض، خاصة فيما يتعلق بموقع الحادث الدقيق. أما من الناحية السياسية، فإن هذه القضية تبرز تصاعد النزعات القومية وتدهور التعاون الإقليمي في وقت تحتاج فيه المنطقة لأقصى درجات التنسيق لمكافحة التهديدات الأمنية المشتركة.

الملف الأخطر الذي تثيره هذه القضية هو الاتهامات المتبادلة بدعم الإرهاب، والتي إذا تم إثباتها، قد يكون لها تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي ومكافحة التطرف في منطقة الساحل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *