مغامرة عصابة السوء غير محسوبة العواقب…!!

مغامرة عصابة السوء غير محسوبة العواقب…!!

مروان زنيبر

في ظل الازمة الداخلية الخانقة التي تمر منها بلاد العالم الآخر، ووسط أجواء التوتر المستمر في العلاقات الجزائرية مع محيطها الإقليمي على الخصوص، لم يفهم أي أحد التوقيت الذي اختارته عصابة الشر، لإحياء ملف غار جبيلات مجددا، والذي تنظمه اتفاقية موقعة في الرباط بين المغرب والجزائر بتاريخ 15 يونيو 1972 من أجل استثمار منجم غارة جبيلات، في إطار استغلال مشترك لمناجم الحديد بين البلدين…

وبينما يحدث كل ذلك، تستمر التحركات المريبة للعصابة بخصوص هذا الملف – الملغوم – الذي على ما يبدو تجاوز تكثيف الخرجات الإعلامية لمسؤولين في السنوات الاخيرة، ودخل مرحلة التنفيذ، بعدما تأكد رسميا ان مصالح بلدية بشار انتهت من عملية تحديد الأملاك والحقوق العينية العقارية المراد نزع ملكيتها من أجل تخصيصها لمشروع السكة الحديدية بشار – تندوف غار جبيلات النقطة الكيلومترية 200 كلم على مستوى إقليم ولاية بشار على مسافة 32 كلم.

وأضافت مصادر إعلامية محلية، ان العملية في مراحلها الأخيرة لتحديد أصحاب الأراضي التي مسها هذا المشروع وتمكين كل المعنيين بالأمر من تدوين ملاحظاتهم المتعلقة بحالة أراضيهم على السجل المودع بمصلحة البلدية من أجل تحديد الأملاك والحقوق العينية العقارية المراد نزع ملكيتها من أجل تخصيصها لمشروع السكة الحديدية بشار – تندوف غار جبيلات.

وفي موضوع دي صلة خرج المدير العام المساعد للشركة الوطنية للحديد والصلب، رضا بلحاج بتصريحات مستفزة …وكشف إلى أن المشروع العملاق – حسب تصريحه – سيسمح باستحداث 25 ألف منصب شغل مباشر و125 ألف منصب شغل غير مباشر، ستخص منطقة تندوف وبشار بعد الانطلاق الفعلي لمشروع منجم غارا جبيلات والمشاريع المرافقة له.

واستطرد قائلا ان الاحتياطات المنجمية تعد ورقة رابحة ضمن خطة ال ” تبون” للخروج من التبعية للمحروقات خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية ومن هنا تبرز – يقول – الأهمية الاستراتيجية لمشروع غارا جبيلات والذي يعتبر منافسا للنفط مؤكدا أن الجزائر بدأت في حجز مراتب متقدمة ضمن قائمة كبار الموردين للحديد.

بدورها سارعت الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية “أنسريف”، في تسخير وسائل مادية وبشرية جديدة لتسريع وتيرة أشغال إنجاز خط السكة الحديدية بشار- تندوف -غارا جبيلات، لنقل خام الحديد عبر مسافة طولها 950 كلم (من بشار الى ميناء أرزيو).

للتذكير فقط فان نص الاتفاقية المغربية الجزائرية للتعاون من أجل استثمار منجم غارة جبيلات، والموقعة بالرباط في 15 يونيو 1972، و التي نُشرت بالجريدة الرسمية الجزائرية عدد 48، السنة العاشرة، في 15 يونيو 1973، تأكد على ان الاتفاقية بين الطرفين تنص على تأسيس شركة جزائرية مغربية لاستثمار منجم غارة جبيلات، يشار إليها باسم “الشركة الجزائرية المغربية”، وبأحرفها الأولى “ش.ج.م”.

وكان المغرب آنذاك (عند توقيعه لاتفاقية 1972) قد ابدى تساهلا مع الجارة الجزائر بخصوص بعض المناطق التي اقتطعها الاستعمار الفرنسي من المغرب (تندوف وبشار) وضمها للمقاطعة الفرنسية (الجزائر)، ومقابل هذا التنازل وحسن النية التي ابداها المغرب بخصوص ترسيم الحدود، قبلت الجزائر الشرط المغربي بتبادل منفعة خيرات غار جبيلات بتندوف وهي المنطقة التي كانت تابعة أصلا للمملكة الشريفة قبل ضمها ” لماما فرنسا” ، مع العلم ان هناك وثائق تثبت بان ” الحكومة الجزائرية المؤقتة آنذاك، ستقوم بإرجاع الأراضي التي ضمتها فرنسا للجزائر فور خروج الاستعمار”…

هذا وشكك محللون في مناورة عصابة السوء بإحياء ملف استغلال غار جبيلات، باعتبار ان العصابة لم تفلح في اقناع دول عظمى بعقد اتفاقيات مشتركة لاستغلال منجم غار جبيلات، وباءت جميع الاتفاقيات سواء مع (الصين وتركيا وفرنسا وروسيا) بالفشل، بما فيها العرض الأخير للنظام العسكري الذي قدمه للولايات المتحدة الامريكية، بهدف استغلال المنجم، الا ان الدول المعنية فطنت للعبة القدرة لعصابة كهنة قصر المرادية…

ويكفي ان نهمس في اذن العصابة، ان المادة 17 من اتفاقية 1972، جاء فيها بالحرف ” ففي حال وقع نزاع بين الطرفين بخصوص تأويلها أو تطبيقها وفقا لمعاهدة إفران (أي اتفاق ترسيم الحدود)، يتم رفع النزاع إلى محكمة العدل الدولية للبث فيه ” وهو فصل مُحدِّد وأساسي في صُلب معاهدة 1972، قد يُبطل الاتفاقية كليا ليس فقط في مضمونها المتعلق باستغلال منجم غار جبيلات، بل أيضا مراجعة التنازل على تندوف وبشار، ما قد يعيد مفاوضات الحدود الشرقية من نقطة الصفر بقوة القانون ، باعتبار ان ترسيم الحدود بين البلدين كان هو جوهر موضوع اتفاقية 1972…

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *