يسبون فرنسا نهارا وفي أحضانها ليلا: صلاح “قودجيل” المائوي رئيس مجلس الأمة الجزائري يملك شقة ومشاريع في باريس وأبناؤه يعيشون هناك مليارديرات

عبدالقادر كتــرة
أعلن مجلس الأمة الجزائري (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي يرأسه الديناصور صالح قوجيل (95 سنة)، أمس الأربعاء 27 فبراير المنصرم، عن قرار تعليق العلاقات مع مجلس الشيوخ الفرنسي.
جاء هذا القرار احتجاجا على الزيارة التي قام بها رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، “جيرارد لارشي”، إلى مدينة العيون في الصحراء المغربية خلال الأيام الأخيرة.
جاء هذا بعد بيان احتجاجي لوزارة الخارجية الجزائرية على زيارة “رشيدة داتي” وزيرة الثقافة الفرنسية للأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية، حيث اعتبرت الزيارة “استخفاف سافر بالشرعية الدولية” من قبل عضو دائم في مجلس الأمن الأممي، في إشارة إلى فرنسا.
واعتبر بيان الوزارة أن تلك الزيارة “أمر خطير للغاية” و”تستدعي الشجب والإدانة على أكثر من صعيد”.
هذه الشطحات الهيستيرية للنظام العسكري الجزائري المارق والخبيث والموبوء الذي لطالما هلل وطبل وغيط بأنه ليس طرف في هذا النزاع المفتعل، تؤكد مرة أخرى أن الجزائر طرفا في نزاع الصحراء بخلاف ما تدعيه في الملتقيات الدولية.
تم انتخاب “صلاح قودجيل” يوم الأربعاء 24 فبراير 2021، بأغلبية مطلقة كرئيس لمجلس الأمة، خلال جلسة عامة.
وفي سن الـ90، أصبح صلاح قودجيل رسميًا ثاني أقوى شخصية في الدولة الجزائرية. إذا تم عزل عبد المجيد تبون أو استقال من منصبه كرئيس للجمهورية، فإن صلاح قودجيل هو من سيحل محله.
إلا أن الحكيم الكبير “صلاح”، الذي يدعو إلى الفضيلة وضرورة الحفاظ على استقرار البلاد باسم الوحدة الوطنية، لا يخبر الجزائريات والجزائريين أنه سمح لأبنائه بالثراء في ظروف غامضة، مستفيدين من شبكة علاقات والدهم المؤثرة داخل النظام الجزائري، حسب ما جاء في مقال للصحفي الاستقصائي الجزائري المعارض عبدو سمار.
على سبيل المثال، محمد قودجيل، أحد أبناء صلاح قودجيل، بدأ حياته المهنية كضابط في جهاز الأمن العسكري (DRS) ضمن الدائرة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا بفضل والده، الذي كان من كبار حزب جبهة التحرير الوطني (FLN) ووزيرًا للنقل من 1976 حتى 1986. وبعد بضع سنوات، انتهى به المطاف مليارديرًا ومالكًا للعديد من العقارات في أرقى أحياء باريس، كما اكتشفت تحقيقات “الجزائر بارت” لصاحبها الصحفي الاستقصائي الجزائري المعارض عبدو سمار خلال تحقيقاتها.
وُلد محمد قودجيل الذي ولد في 13 يناير 1959، يظهر على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر نشطًا بشكل لافت بتعليقات لاذعة يهاجم فيها “حراك ” والمعارضين الجزائريين في المنفى.
ولا يفوت أي فرصة لنشر الإشادة بالنظام الجزائري، ومع ذلك، فإن ثروته الحقيقية تقع في فرنسا.
ويمتلك محمد قودجيل شقة كبيرة تقع في 9 شارع الصناعة في “كورييفوا”، وهي ضاحية راقية في باريس.
وتتكون الشقة من 7 غرف وتمتد على مساحة تزيد عن 250 مترًا مربعًا. كما يمتلك محمد قودجيل شقة أخرى كبيرة في كورييفوا مزودة بتراس تزيد مساحته عن 120 مترًا مربعًا.
وكان ابن رئيس مجلس الأمة الحالي يؤجر هذه الشقة بانتظام لمؤسسات دولية مثل البعثة الدبلوماسية الإيرانية في باريس مقابل إيجار يعادل حوالي 5000 يورو. هذه الثروة العقارية الكبيرة تجعل محمد قودجيل شخصًا ثريًا للغاية، مما يثير تساؤلات عديدة حول شرعية أعماله العقارية، خاصة أنه ابن الشخص الذي كان منذ 4 يناير 2020 الرئيس بالإنابة للمجلس الأعلى للبرلمان الجزائري.
خلال التسعينيات، حصل بفضل تدخلات والده على منصب في القنصلية الجزائرية في بونتوايز، في ضواحي باريس. وتسلق محمد قودجيل السلم الوظيفي ليصبح نائب قنصل.
لكن هذا المنصب كان مجرد غطاء، حيث كان في الواقع ضابطًا في جهاز الأمن العسكري مكلفًا بمراقبة وجمع المعلومات عن الشبكات الإسلامية الجزائرية في فرنسا، خاصة في ضواحي باريس.
وكان محمد قودجيل يمتلك حتى “صندوقًا أسود” من خلاله كان يمول أنشطة التسلل إلى الشبكات الإسلامية الجزائرية المقيمة على الأراضي الفرنسية.
ولم يتم إثبات فعالية هذه الأنشطة الاستخباراتية أبدًا. كما أن إدارة هذا “الصندوق الأسود” لم تخضع أبدًا لتقرير دقيق ومفصل.
مع مرور السنوات، تحول محمد قودجيل إلى مجال آخر تمامًا. بفضل شبكة علاقات والده، تم تعيينه كأحد كبار المسؤولين في برنامج تعليم اللغات والثقافات الأصلية (ELCO)، وهو خدمة تابعة للسفارة الجزائرية في فرنسا. هذه الخدمة الثقافية يتم تمويلها من الأموال العامة والعملات الأجنبية.
وخلصت تحقيقات الصحفي الجزائري عبدو سمار، إلى أنه في نهاية عام 2014، تعرض برنامج ELCO لجدل كبير، وكان محمد قودجيل أحد الأطراف الرئيسية فيه. حيث اتهم مجموعة من المعلمين الناطقين باللغة الأمازيغية محمد قودجيل بالحصول على رواتب تصل إلى 6000 يورو شهريًا مقابل عمل غير موجود في الواقع.
بل والأسوأ من ذلك، حسب الصحفي عبدو سمار، كان محمد قودجيل من بين المسؤولين الرئيسيين في ELCO الذين اتُهموا بقمع ومنع التعبير عن اللغة الأمازيغية. حيث اتهم معلمو اللغة الأمازيغية في ELCO ومسؤولو الجمعيات الأمازيغية التي توفر هذا التعليم في منطقة باريس، محمد قودجيل بدور مثير للجدل في وقف دروس اللغة الأمازيغية التي كانت تُعقد في مركز الثقافة الجزائرية، وإغلاق القاعة التي كانت تستضيف هذه الدروس.
وقد هزت هذه القضية برنامج ELCO بشدة، حيث تمت إزالة الأثاث والمعدات، بما في ذلك الطابعة وآلة النسخ، من القاعتين ووضعها في الممر.
تم إخماد الجدل بسرعة من قبل السلطات الدبلوماسية الجزائرية. ولم ترغب أي جهة رسمية في إجراء أي تحقيق حول كيفية عمل ELCO أو الإدارة الغامضة لميزانياتها، التي من المفترض أن تخدم تطوير الإرث الثقافي الجزائري في فرنسا لصالح أحفاد الجالية الجزائرية الكبيرة.
محمد قودجيل هو المدير بالإنابة لـ ELCO منذ ما يقرب من 3 سنوات. وكما هو الحال مع مكاتب الخطوط الجوية الجزائرية في أوروبا، يتهم العديد من المصادر الدبلوماسية ELCO بأنها تعمل كـ “صندوق” لتوظيف أبناء النخبة السياسية والعسكرية الجزائرية الراغبين في الاستقرار في فرنسا. “الجزائر بارت” تواصل تحقيقاتها وستعود قريبًا إلى هذا
الملف بكشف جديد.