النظام العسكري الجزائري يمنع الجمهور من الخروج للشارع للاحتفال بالتأهل لكأس العالم خوفا من اندلاع المظاهرات
عبدالقادر كتــرة
في تطور مفاجئ، فرضت السلطات الجزائرية بأمر من “النظام العسكري” قيودًا أمنية مشددة ومنعت الجماهير الجزائرية من النزول إلى الشوارع للاحتفال بتأهل المنتخب الوطني الجزائري الملقب ب”الخضر” إلى كأس العالم 2026، وذلك بعد الفوز المتوقع على المنتخب الصومالي بثلاثة أهداف نظيفة.
السلطات العسكرية الجزائرية بررت القرار كإجراء وقائي، نتيجة الخبرة السابقة مع احتفالات كرة القدم في الجزائر، والتي شهدت في أحيان كثيرة أعمال شغب وتخريب وتجاوزات (كما حدث مع الحافلة الصومالية)، تجعل القلق الأمني حقيقياً. القرار يهدف، حسب النظام العسكري الجزائري الجبان والمرعوب، لمنع أعمال التخريب والمشاجرات والتدافع والاختناقات التي قد تؤدي إلى ضحايا، واستغلال التجمعات الكبيرة للتعبير عن غضب قد يكون موجهاً ضد السلطة ذاتها.
وأجمع المحللون والمعارضون على أن في هذا القرار بعداً سياسياً يتجاوز الجانب الأمني الرياضي.
النظام الحاكم، الذي يواجه احتجاجات شعبية (حراك Hirak) في السنوات الماضية، يخشى من تحول أي تجمع شعبي كبير، حتى لو كان احتفالاً رياضياً، إلى منصة للتعبير عن مطالب سياسية أو هتافات مناهضة للحكومة. المنع هو وسيلة لـ”خنق” المجال العام ومنع أي تجمع غير خاضع لسيطرة الدولة المباشرة.
مفارقة عجيبة مزدوجة سجلها قرار النظام العسكري الجزائري الإرهابي تتمثل المفارقة الأولى: هي منع الاحتفال بإنجاز وطني كبير يفترض أن النظام يستفيد منه سياسياً لتعزيز شعبيته وشرعيته. بدلاً من ذلك، يحول القرار الإنجاز إلى مناسبة خيبة الأمل والغضب الشعبي.
أما المفارقة الثانية: تكمن في أن أعمال الشغب التي استهدفت المنتخب الصومالي (التي قامت بها أقلية) أصبحت الذريعة التي تُستخدم لمعاقبة الأغلبية السلمية بحرمانها من حقها الطبيعي في الاحتفال. هذا يعكس إشكالية في إدارة الأزمات، حيث يتم التعامل مع المجتمع بمنطق العقاب الجماعي.
خلق قرار النظام العسكري الجزائري الديكتاتوري إحباطا شعبيا واسعا وامتعاضا بين الجماهير الجزائرية العريضة التي كانت تتوق للاحتفال بإنجاز تاريخي.
وهذا قد يوسع الفجوة بين الشعب والسلطة، عبر تسييس الإنجاز الرياضي الذي يحول القرار لإنجاز رياضي محض إلى قضية سياسية، حيث سيتم مناقشته تحت عنوان “القمع” و”خوف النظام من شعبه” بدلاً من التركيز على البعد الرياضي. وستتصاعد سرديتان متضادتان، سردية الدولة: “حافظنا على الأرواح والممتلكات”، وسردية النقاد: “النظام يخاف من فرحة شعبه ويقمع حتى أفراحهم”.
ما حدث هو ضربة قاصمة للروح الرياضية وللعلاقة العضوية بين الشعب ومنتخبه. صحيح أن السلطات تتحمل مسؤولية الحفاظ على الأمن، ولكن معالجة “العنف الرياضي” لا تكون بقتل “فرحة الأمة” بأكملها، بل بمعالجة جذور الظاهرة عبر التربية والتوعية وتطبيق القانون على المشاغبين فقط.
هذا القرار الوقائي – وإن كان يحمل مبررات أمنية محتملة – يظهر انعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم، ويعكس خوف النظام من أي تجمع شعبي عفوي أكثر من خوفه على أمن المواطنين.
النتيجة النهائية هي تحويل مناسبة فرح إلى ذكرى مريرة، وإرسال رسالة مفادها أن الإنجاز الوطني لا يستحق الاحتفال به إذا كان ثمن ذلك هو خروج الناس إلى الشارع. في النهاية، الخاسر الأكبر هو الشعب الجزائري، الذي حُرم من لحظة فرحه التاريخية بسبب فشل النظام في إدارة التنوع بين احتياجات الأمن وحقوق الناس في التعبير عن فرحتهم.

