قطعان من الأغنام،  عفوا من الكلاب الضالة تقطع الطرق  بمدينة وجدة وترعب أطفالها وتهاجم سكانها

قطعان من الأغنام،  عفوا من الكلاب الضالة تقطع الطرق  بمدينة وجدة وترعب أطفالها وتهاجم سكانها
عبدالقادر كتـــرة

نضطر كلّ مرة الحديث عن ظاهرة أصبحت تثير مخاوف المواطنين بمدينة وجدة بعد أن اجتاحت الكلاب الضالة  وشوارعها الأساسية وأزقتها وفضاءاتها التجارية الكبرى  وسط المدينة والحدائق  والأحياء الهامشية الآهلة بالسكان  رغم كثافة الحركة بها ونمو العمران وانتشار الإسمنت والطرق المعبدة.

لم تعرف مدينة وجدة الألفية، في تاريخها، ظاهرة تناسل الكلاب وتكاثرها حتى أصبحت تتجول قطعانا وأسرابا وأرهاطا وجماعات في مختلف أنحاء المدينة، تضاهي قطعان الأغنام  بل تجاوزتها إذ نادرا ما نشاهد هذه الأخيرة تعبر الشوارع والطرقات إلا على شاحنات متجهة نحو المجازر أو قبل أيام من عيد الأضحى.

استفحال ظاهرة هذه الحيوانات المتوحشة وجدت مرتعا خصبا في الأزبال والنفايات والفضاءات الواسعة وتتحرك أسرابا وقطعانا، ليلا ونهارا وفي جميع الفضاءات من أزقة وطرقات وشوارع، لا سيما وقت تكاثرها وفترة تناسلها وتوالدها،  فيكثر نباحها وعواؤها ليل نهار ويصبح من المغامرة على المواطنين والسكان الاقتراب منها ونهرها للابتعاد مخافة مهاجمته لإفراغ غريزة عدوانيتها الحيوانية، دون الحديث عن نباحها ليلا اللامتناهي والذي يمزق سكون الليل ويؤرق العامل والموظف ويؤلم الشيخ والمريض ويرعب الرضيع  والطفل…

كلاب  ضالة تتجول فرادى وجماعات استأنست وتدجَّنت  وأصبحت تعيش وسط المواطنين دون خوف ولا رعب وأصبح المواطن هو الخائف والمرعوب، وبعد أن نجحت في تحدي مجالس الجماعة وموظفيها والسلطات المحلية، ارتقت إلى مرتبة تحدي مقر ولاية الجهة الشرقية/عمالة وجدة أنكاد السابق بشارع محمد الخامس،  وذلك باحتلالها للرصيف والشارع  العام للاستمتاع بقيلولة تحت أشعة الشمس الدافئة دون خوف من المواطن الذي يفضل الابتعاد عنها وينسحب إلى الرصيف الآخر، دون أن يُحوِّل نظره عن الحيوان.

أحد الأساتذة المحترمين لم يجد من مقارنة وضع ساكنة وجدة إلا تلك التي قال عنها :”إننا أصبحنا نعيش مع الكلاب كما يعيش الهندوس مع الأبقار أو القبائل الهندية مع القرود”، بعد أن لاحظ أن الكلاب الضالة أصبحت تتجول بكلّ حرية وسلاسة وأمن واطمئنان وسلام بين المواطنين، لا يخافونهم ولا يرعبونهم، بل اقتنعوا أنهم أصبحوا جزءا من الساكنة ولهم الحقّ في احتلال المدينة بعد أن قرر مجلس الجماعة الحضرية لمدينة وجدهم منحهم رخصة التجول والتنقل والتفسح، عبر تعليق تلك العلامة الصفراء التي تشهد على أنه هذه الكلاب  تمّ تعقيمها وتحريرها.

وسبق أن  تطرقنا لهذه الظاهرة في العديد من المقالات وانتظرنا طويلا ردود فعل السلطات المنتخبة والمحلية المسؤولة عن هذه المدينة التي باتت في حكم الحضائر المنسية، إلى أن التفت رئيس جماعة وجدة، محمد العزاوي، وقام  بزيارة للمحجز البلدي، في إطار التحركات الرامية إلى إيجاد حلول لظاهرة اكتساح الكلاب الضالة بشوارع وأزقة المدينة الألفية في الآونة الأخيرة، والتي باتت تنتشر بوثيرة سريعة اقلقت ساكنة وجدة.

أرْهُط وأسراب من الكلاب الضالة تجوب شوارع وطرقات وأزقة بعض أحياء مدينة وجدة وخصوصا الأحياء الهامشية من أحياء التقدم والحسني/كولوش والطوبة والفتح والنجد وأحياء واد الناشف بشكل ملفت للنظر ومقلق حيث شبه أحد المواطنين “الظاهرة بالهجوم تتعرض له المدينة من طرف أعداد كبيرة من الكلاب الضالة توالدت وتناسلت وتَربَّتْ وترعرعت بوجدة المدينة الألفية”.

وضعية  تشكل خطرا كبيرا على السكان خاصة الأطفال منهم الذين يرتادون يوميا هذه  الطرقات والأزقة في اتجاه المؤسسات التعليمية، بل من الأطفال من يقترب عن جهل من هذه الكلاب في محاول للمسها وتدجينها…ومنهم من  يعمد إلى تعذيب بعض الجراء أو مطاردة الكلاب الأخرى بالأحجار في حالة انتصارهم والإحساس بقوة الجماعة، إضافة إلى أن بعض المتسكعين يستغلون تكاثرها لاصطيادها واستعمالها في مهاجمة القطط و في المشاجرات فيما بينهم.

الغريب في الأمر أن تصبح هذه الكلاب جزءا من المشهد اليومي وتتجول   بكل حرية وإحساس بالأمن والأمان بين أرجل المواطنين بوسط المدينة وشوارعها الكبرى وعند أبواب المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والتعليمية، كما أصبحوا ينتظرون أمام محلات الجزارة  بأمن وأمان في انتظار ان يجود عليهم الجزار بعظم، حيث تأقلموا مع حركات وسكنات السكان وأجواء المدينة وأصبحوا يتخذون أركانها وأرصفتها والحدائق فضاءات للاستراحة كباقي المتنزهين.

يستاء المواطن ويتقزز أكثر ويغتاظ من تواجد هذه الكلاب الضالة بشوارع المدينة الرئيسية تتجول وسط المارة والمتجولين مطمئنة ومرتاحة البال. لقد صار هؤلاء المواطنون العابرون للشوارع والجالسون إلى المقاهي والمتجولون عبر أرصفة المدينة يتجنبون  تلك الحيوانات الخطيرة والمتوحشة ويفسحون لها الطريق والمجال، ويرتكنون إلى زوايا المقاهي والمؤسسات العمومية يحتمون بها حتى تمر القافلة بسلام.

لقد أصبحت تلك الكلاب تشكل خطرا كبيرا متنقلا إذ يمكن لها أن تتحول في لحظة من اللحظات إلى وحوش كاسرة وجائعة إذا ما تم استفزازها ، وتنقض على أي مواطن كبيرا كان أو صغيرا في غياب المصالح البلدية التي كانت أيام زمان تتوفر على قناصين متخصصين في اصطياد الكلاب  وسجنها في أقفاص كبيرة متحركة إلى حين قرار الطبيب البيطري الذي غالبا ما يصدر حكمه بإعدامها اتقاء لجميع المخاطر التي قد تسببها.

لقد قرر مجلس وجدة، بعد تعدد الشكايات والانتقادات لتكاثر الكلاب الضالة، مباشرة حملة  جمع وتعقيم الكلاب الضالة في جزء من المحجز البلدي، بعد أن تم تجهيزه بوسائل صيد الكلاب، إلى جانب عيادة بيطرية، حيث تتم عملية التعقيم.

وسبق لوزارة الداخلية أن  أصدرت  مذكرة مصلحية منعت بموجبها عمليات إبادة الكلاب الضالة بالرصاص الحي، داعية الجهات المختصة بمحاربة الكلاب الضالة بالجماعات الترابية إلى اعتماد طرق أخرى رحيمة للإمساك بالكلاب، نتيجة احتجاجات جمعيات الرفق بالحيوانات ضد قتلها باستعمال الذخيرة الحية.

لكن في المقابل، لا يتحمل  المواطن  وزر الجماعات المحلية وجمعيات الرفق بالحيوانات التي تتهرب من مسؤولياتها لجمع الكلاب ووضعها في محاجز وفضاءات خاصة، دون قتلها لكن تتكلف بإطعامها وعلاجها ومراقبتها، بدل تحريرها  وإطلاقها في المدن تزرع الرعب وسط المواطنين والأطفال وتقلق راحتهم أينما حلّوا وارتحلوا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *