هل بإمكان جمهورية تندوف الكبرى الامتثال للموقف الأوربي بخصوص الطاقات المتجددة لانقاذ اقتصادها وشعبها من الفقر…؟؟
بدر سنوسي
في ظل تفاقم المخاطر البيئية في العالم، والتوجه نحو الاستغناء عن الطاقات التقليدية، شكل قرار مجموعة الاتحاد الأوروبي الخروج من دائرة استهلاك الغاز العام في السنوات القادمة، في إطار ما بات يعرف بالحياد الكربوني، جرس إنذار مبكرا للجزائر من أجل البحث عن بدائل أخرى، على اعتبار أنه يشكل أحد مصادر دخلها القومي، فضلا عن مصير استثمارات ضخمة في هذا الشأن، راهن عليها حكام جمهورية تندوف الكبرى بدون الأخذ بعواقبها.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد غيرت مقاربتها تحت ضغط الطوارئ المناخية من عصر الغاز الطبيعي إلى الحياد الكربوني، ودعت إلى “الوقف السريع لاستعمال هذه الطاقة، من أجل تحقيق أهداف الحياد الكربوني.
ويشكل هذا التوجه إنذارا مبكرا للجزائر التي تعتمد على الطاقة التقليدية، في تحقيق عائدات العملة الصعبة، كما أنها كثفت إنتاجها واستغلالها في السنوات الأخيرة تحت ضغط الطلب الأوروبي الذي يريد تغطية النقص الروسي، لكن دخول الحياد الكربوني حيز التنفيذ بعد أقل من عقدين، حيث تخطط أوروبا لخفض استهلاكها بنسبة 70 في المئة بحلول الموعد النهائي، مما يجعل الإدارة المختصة في بلاد القوة الضاربة الإقليمية، في موقع حرج، لاسيما بالنسبة إلى الاستثمارات والعقود المبرمة.
وتعتمد الجزائر بشكل كلي في مداخيلها من العملة الصعبة على عائدات النفط والغاز الذي حقق طفرة لافتة بسبب الأزمة الأوكرانية في السنوات الأخيرة، ولذلك فإن استغناء الأوروبيين عن الغاز سيكون انتكاسة لعائداتها في المستقبل باعتبار انه يشكل المصدر الأساسي لعائدات البلاد..
يذكر انه بشأن موقف وموقع الجزائر في ضوء المنعرج المفاجئ، كان وزير الاقتصاد الألماني وحماية المناخ، روبرت هابيك قد حط الرحال في زيارة خاصة له للجزائر، ليضع النقط على الحروف، بخصوص موضوع مشروع التحول الضخم للطاقة والصناعة – المتمثل في هجر الوقود الأحفوري نحو مصادر الطاقة المتجددة، منبها عصابة القوة الضاربة، على انه آن الأوان للتفكير الجدي – مستقبلا- في القطيعة بتزويد اوربا بالغاز الطبيعي من خلال خط أنابيب الذي يمر عبر البحر المتوسط، واستخدام هذه الأنابيب لجلب الهيدروجين إلى أوروبا، وهو هيدروجين خالٍ من الانبعاثات، ويتم إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة.
ويرى خبراء في الاقتصاد، ان زيارة الوزير الاقتصاد الألماني، كانت بمثابة انذار مبكر لحكام قصر المرادية، باعتبار ان المانيا ومعها باقي دول اوربا، تعي جيدا ان الجزائر التي تتميز بحوالي 3000 ساعة من أشعة الشمس سنويا، في اراضي صحراوية مترامية في الجنوب، و بالرغم من توفرها على إمكانيات مهمة من الرياح الا انها تبقى عاجزة في استخدام طاقة الرياح ولا الطاقة الشمسية على نطاق واسع في الجزائر، لإنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين، لذلك، لا يزال هناك الكثير للقيام به، ليبقى تحقيق الحلم الألماني – الأوربي، المتمثل في “مستقبل بدون غاز ونفط”. بعيد المدى…
للإشارة، فقد سبق وان دق الوزير الجزائري السابق للطاقة، والمدير العام السابق لشركة سوناطراك صادق بوسنة ناقوس الخطر في ملف الحياد الكربوني بإسهاب في ندوة نظمها نادي الطاقة الجزائري، خاصة في ظل تفاقم المخاطر البيئية في العالم، والتوجه نحو الاستغناء عن الطاقات التقليدية، التي تشكل المصدر الأساسي لعائدات البلاد، بما في ذلك الغاز الذي احتل مكانة استراتيجية في السنوات الأخيرة ، و بذلك يكون الوزير الجزائري قد دق هو الآخر ناقوس الخطر، بل وضع العصابة امام الامر الواقع ، ما لم يتم تدارك الموقف مستقبلا في الاستثمار في الطاقات المتجددة، والاهتمام بشعب مقبل – لا محالة- على سنوات عجاف، عوض تبذير الأموال الطائلة ، دون حسيب و لا رقيب ، على حساب قضية خاسرة بدعمه لجبهة وهمية فوق اراضيه، بعدما صرفت عليها أكثر من 500 مليار دولار، دون جدوى….