مطالب بفتح ملف جرائم حكام جمهورية تندوف الكبرى خلال فترة “العشرية السوداء”

مطالب بفتح ملف جرائم حكام جمهورية تندوف الكبرى خلال فترة “العشرية السوداء”

مروان زنيبر

في مثل يوم 22 يناير من عام 1992 اعتقلت السلطات الجزائرية رئيس المكتب التنفيذي المؤقت لـ”الجبهة الإسلامية للإنقاذ” (حزب إسلامي معارض)، عبد القادر حشاني، عقب نشره بيانا في صحيفة “الخبر”، تضمن دعوة المؤسسة العسكرية للحياد وحماية اختيار الشعب ، مما اعتبرته السلطات دعوة لتمرد الجيش والأجهزة الأمنية، وكان حشاني انتخب رئيسا للمكتب التنفيذي المؤقت للجبهة بعد اعتقال رئيسها عباسي مدني ونائبه علي بلحاج في يوليوز عام 1991، ويعتبر اعتقال حشاني واحدا من بين سلسلة أحداث ، أدخلت الجزائر في نفق مظلم وهو ما اصطلح على تسميته بـ”العشرية السوداء”، عشر سنوات من القتال والدم والحرب الأهلية، دارت رحاها بين الجماعات المتطرفة والسلطة.

وبالتزامن مع ذلك قررت المؤسسة العسكرية آنذاك تجميد المسار الانتخابي وإلغاء نتائج الدور الأول من التشريعيات التي جرت في 26 دجنبر 1991، والتي فاز فيها حزب “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” بالأغلبية.

وقبل ذلك، كان الرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد، قرر تقديم استقالته في أجواء سياسية وأمنية مشحونة، كانت بمتابه ” ربيعا جزائريا ” مبكرا ….

وبعد إعلان حالة الطوارئ بنحو شهر، أي في مارس عام 1992، تم حل “جبهة الإنقاذ”، وكانت تلك الأحداث بداية لدخول الجزائر في أزمة سياسية وأمنية دامت قرابة عشر سنوات وخلفت عشرات آلاف الضحايا من قتلى ومصابين، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالعديد من المرافق العمومية، كما تزامنت حالة الصراع الداخلي بين مراكز القوى في الدولة مع انهيار سعر البترول بصورة حادة، الأمر الذي حمل آثارا قاسية على واقع الجزائريين المعيشي، وتفاقمت معه أزمة السكن والبطالة في بلد كان يستورد معظم ما يأكل ويلبس، وزادت الأسعار بطريقة جنونية لم يستطع فقراء الجزائر مجاراتها…

ووفق قراءات تاريخية، فأن القرار الذي اتخذه الشاذلي بن جديد آنذاك كان بإيعاز وضغط من الجيش الذي كان يعارض صعود الإسلاميين بصورة علنية في أوقات كثيرة قبل الانتخابات التشريعية، زاد في تأزم الأوضاع الداخلية، مما ادخل البلاد في حالة عصيان وتصدع غير مسبوقة في تاريخها، كان من نتائجها، عمليات قتل خارج نطاق القضاء، التعذيب، الاحتجاز التعسفي، الاختفاء القسري، الاتجار بالبشر، النزوح الداخلي، ووجود مقابر جماعية.

هذا وبحلول ذكري مجازر العشرية السوداء، طالب العديد من أقارب المئات من الذين اعتُقلوا تعسفا وعذبوا أو أُخفُوا ووُجِدوا فيما بعد في مقابر جماعية، الكشف عن إجابات صريحة على حالة التحقيقات المتعددة المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولكن حتى الآن لم تكن هناك استجابة مرضية وفق ما أكدته تصريحات العديد من النشطاء.

والغريب في الامر، ان ما وقع خلال فترة العشرية السوداء، لا زال متفشيا الى يومنا هذا، كأداة للقمع السياسي والسيطرة، وهو ما يفسر سبب حرمان آلاف الأشخاص من حريتهم، وغالبا في ظروف سيئة، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة أو الوصول إلى العدالة…

ويرى مراقبون، ان موقف المقررة الأممية بخصوص ملف الانتهاكات والجرائم، والتي زارت البلاد مؤخرا، يشكل – لا محالة – ضغطا جديدا على السلطات العسكرية الجزائرية، بالنظر إلى الدعوات التي أطلقتها مؤخرا العديد من المنظمات الحقوقية الدولية عبرت هي الاخرى عن رفضها “السكوت عن جميع الجرائم التي قامت بها بعض المليشيات العسكرية، ضد مواطنين مدنيين في عدة مناطق، خاصة بمنطقة القبائل”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *