عاصمة البرتقال قبلة للخبراء والباحثين الدوليين في الرقمنة والذكاء الاصطناعي
“إن إفريقيا ماضية اليوم في طريقها لتصبح مختبراً للتكنولوجيا الرقمية. فالتقانة الرقمية ما فتئت تغير وجه قارتنا، من خلال الإنخراط الفعلي لشبابها المسلح بروح الإبداع والإقدام. ويعود الفضل في هذه القفزة الرقمية إلى المقاولات الناشئة النشيطة في عدة مجالات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : قطاع المال، والاتصالات، والصناعة، والصناعات الغذائية. فالشباب من ذوي الدخل الضعيف هم في الغالب من يقودون عملية الابتكار هذه. وبالتالي، فحري بنا أن نضع العناية بهم في صلب سياساتنا العمومية” من الخطاب الملكي الموجه إلى القمة الاستثنائية للإتحاد الإفريقي بالعاصمة الرواندية كيغالي في 21 مارس 2018.
تعتبر التكنولوجيا الرقمية في الوقت الحاضر، وسيلة عالمية ورهانا حقيقيا واستراتيجيا للتنمية، تمكن من الرقي بالاقتصادات والمجتمعات وتجعل المجالات أكثر تنافسية ومرنة وجاذبية من حيث تحسين مناخ الأعمال وتبسيط الإجراءات، تشجيع الاستثمار وتحسين ظروف معيشة المواطنين وأنماط حياتهم عبر توفير خدمات الاتصال الرقمي والإدماج الإلكتروني.
نتيجة لهذا التوسع الحضري، فإن المدن في تغير دائم وبالتالي تصبح أكثر عرضة للاختلالات من ذي قبل. بالنسبة للمغرب، فإن التغيير يعد عميقا، والمخاطر كبيرة، وهناك حاجة ماسة وصريحة لرفع التحديات المحلية عبر استخدام التكنولوجيات الرقمية كحل لإعادة هيكلة المجالات (من التصميم إلى الإستعمال).
وتعتبر التكنولوجيا الرقمية، رافعة للتطور الشامل للمجتمعات والتدبير العمومي من خلال توفير بنية تحتية للتدبير اللامادي بغية الرقي بمستوى الخدمات الممنوحة المواطنين والمسؤولين المحليين، مما سيمكنهم من الحصول على أداة قيمة لصنع القرار لتحصيل وفهم المعرفة حول مجالاتنا من خلال الاعتماد على البيانات الجغرافية.
وتعد التكنولوجيا الرقمية على الصعيد الحضري، حافزا لابتكار طرق ومناهج جديدة لبناء مدن ذكية، متصلة، فعالة وحاضنة على أن خلق هذه المدن يتطلب في المقام الأول تصميم وضبط البنية التحتية الرقمية وكذا عملية التدبير اللامادي. إذ من الآن فصاعدا، يجب أن ينظر إلى التنمية الحضرية والرقمية على أنهما مرتبطتين ومندمجتين وذلك عبر نهج إطار تشاركي يضم مختلف الشركاء من وزارت وجماعات ترابية ومجتمع مدني.
وتتمحور التوجهات الملكية السامية وكذا السياسة الحكومية الجديدة حول تسريع وتيرة التحويل الرقمي بالمغرب، وبالتالي تعزيز مكانة المملكة كرائد إقليمي في مجال الرقمنة. بالإضافة إلى النموذج التنموي الجديد في أفق 2035 الذي يهمنا ويدعونا إلى التصدي للتحديات والطموحات المتوخاة منه بهدف الارتقاء بالمغرب ليتبوأ مكانته ضمن الثلث الأول من ترتيب الدول في مختلف التصنيفات العالمية في الـ 14 عامًا القادمة، في العديد من الأنشطة.
وصادق مجلس الحكومة في 24 ماي 2023 على المرسوم 2.23.405 المتعلق بإحداث المديرية العامة للانتقال الرقمي ضمانا لالتقائية مكونات الاستراتيجية الوطنية للتنمية الرقمية علاوة على مواكبة مختلف المشاريع المرتبطة بها.
ويعتبر منتدى المجتمع الرقمي الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، هو الفعالية الأولى من نوعها على صعيد المملكة المغربية التي ناقشت موضوع الرقمنة في خدمة المواطن والادارات بشكل عام، المنتدى ضم نخبة من الباحثين والخبراء في مجالات متعلقة بالرقمنة، الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية. ونظم من طرف شركة التنمية المحلية مجال بركان للإبتكار والذكاء الترابي وهي أول شركة ناشئة عامة مكرسة للإبتكار والذكاء الإقليمي في العالم العربي والإفريقي، بشراكة مع جمعية التطوير الرقمي وعمالة إقليم بركان والمجلس الإقليمي لبركان إضافة إلى مجموعة من الشركاء.
واستشرف المنتدى في نسخته الثالثة إلى مستقبل المجتمعات الرقمية في ضوء المستجدات القانونية التي أغنت الترسانة الوطنية في هذا المجال وملائمتها مع متطلبات المرحلة، وأثرى النقاش العمومي على مدى يومين بين الفاعلين في الحقل الاكاديمي الوطني والأجنبي وهيئات المجتمع المدني، وخلق مساحة إبداعية للشباب مساهمة من اللجنة التنظيمية في زيادة الحصيلة المعرفية ومشاركة الرؤى المختلفة لدى هذه الشريحة المهمة، عبر تنظيم هاكاطون مسابقة أفكار في مجالات مرتبطة بالتعليم والرقمنة والصحة والرقمنة والتواصل الرقمي.
ويعد “منتدى المجتمع الرقمي” الذي نظم هذا العام تحت شعار “كيف تؤثر البيانات الضخمة على حياتنا اليومية في ظل التحول الرقمي”، منصة فعلية ونقطة التقاء بين نخبة من الخبراء والأكاديميين والتقنيين وفعاليات مدنية، تهدف إلى تبادل الخبرات وعرض المستجدات والتطورات المتعلقة بمجال الرقمنة، بغية إرساء حلول ومفاتيح تهدف إلى تنظيم وتسهيل الحياة اليومية للمواطنين في جميع مجالاتها وأبعادها: الإدارة العمومية ، التعليم ، الصحة..
عرف المنتدى ثلاثة محاور أساسية : ندوات علمية، هاكاتون وهي مسابقة جمعت بين مشاريع ناشئة وكذا معرض رقمي شكل نقطة التقاء بين عارضين ومقاولين في مجال التكنلوجيا والرقمنة والذكاء الصناعي والمدن الذكية وذلك يومي 24 و 25 ماي 2023 بكل من قاعة الندوات بمقر عمالة إقليم بركان ومجمّع مجال بركان للإبتكار والذكاء الترابي..وشاركت فيه عدة دول من بينها السعودية ونيجيريا والجزائر وتونس وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وكرواتيا وغينيا كوناكري و… صارت عاصمة البرتقال مدينة بركان قبلة للخبراء والعلماء والباحثين من الجامعين والفاعلين في مجال الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وأكد جمال حدادي الأستاذ في جامعة محمد الأول أن “الدورة الثالثة لمنتدى المجتمع الرقمي انخرطت في إطار الاستمرار في الدينامية التي شرعت فيها القوى الحية في مدينة بركان من إدارة ومنتخبين ومجتمع مدني وتنخرط فيها هذه السنة شركة التنمية مجال، إيمانا من كل الفاعلين بحتمية الدخول إلى عصر المستقبل من بابه الواسع باستثمار الذكاءات خاصة منها الذكاء الاصطناعي، وبتوفيره الفرص والإمكانات اللازمة لذلك، من خلال خلق فرص الالتقائية بين كل الشركاء من المغرب وإفريقيا والعالم، واستثمار الملتقيات التي تعقد بهذه المناسبات من أجل التعرف إلى تجارب الجميع وتبادل الخبرات والتشبيك واستثمار الذكاء الجماعي والمقاربة التشاركية، مع التفكير في توفير الموارد البشرية اللازمة والتي تزخر بها الجهة، وتوفير الوعاء العلمي والمعرفي من خلال المعاهد والمدارس النظامية وكذا الفضاءات التي تتفتق فيها مدارك الشباب وابتكاراتهم واختراعاتهم، وتوفير الكفاءات التي تصقل مواهبهم و تتبعهم، من خلال خلق جو تنافسي كذلك التي توافر في الهاكاطون والذي دام 48 ساعة تفتقت من خلال تجارب واعدة لشابات وشباب يعد بالكثير في المستقبل، مستقبل مدينة بركان، عاصمة الرقمنة والتحول الرقمي بامتياز كقطب جهوي ووطني وقبلة إفريقية ودولية، في موازاة مع الخصب الذي يتوافر في القطب الفلاحي، لتكون الريادة في هذا القطب للتكنولوجيا من خلال ما سيحمله الغد من مفاجآت تعد بها كفاءات بركان وأبناء بركان من التميز في مجال العالم الرقمي، في زمن لا حديث يعلو على حديث الذكاء الاصطناعي وجاحد من ينكر السبق في هذا المجال لهذا الإقليم بما يتوافر فيه من انخراط للإدارة ومكوناتها ويدعمها المنتخب وتعضده فعاليات المجتمع المدني، مع إرادة للريادة والسبق والتميز”.
وسعى منظمو الحدث الدولي الذي كانت “المنعطف” أحد شركائه الإعلاميين، لجعل عاصمة البرتقال منصة للتفكير المثمر، وتبادل الخبرات بين الخبراء بالمجال، وصانعي القرار، والشركات والأساتذة الباحثين، وكذا فعاليات المجتمع المدني والطلبة، إضافة إلى عرض ومشاركة آخر المستجدات والتوجهات المتعلقة بالمدن الذكية.
وكانت المشاريع الفائزة في المسابقة الدولية لفائدة حاملي المشاريع المبتكرة هي :
المشروع الأول عبارة عن إعادة تدوير المياه المنزلية المستعملة الذي فاز ولأول مرة في المغرب بسيارة كهربائية مهداة من شركة أوطوهول (فرع بركان). والمشروع الثاني عبارة عن تطبيق رقمي لتسويق المنتوجات المجالية المغربية في دول إفريقيا فاز بحاسوب من الجيل الجديد. والمشروع الثالث له علاقة بالفلاحة ويهدف الى تحويل محركات الاليات الفلاحية من الغاز الى الكهرباء فاز بحاسوب من الجيل الجديد. والمشروع الرابع الذي فاز جائزة لجنة التحكيم له علاقة بالنقل الحضري وهو عبارة عن تطبيق رقمي يسمح بتتبع حركية الحافلات حصل على هاتف ذكي. واستفادت كذلك المشاريع الأربعة من برنامج المواكبة المقدم من طرف شركة التنمية المحلية مجال بركان للابتكار والذكاء الترابي. (يتبع)
ع.ر.ب