الجزائر غاضبة من حملة مقاطعة المغاربة لتمورها المُشبّعة بالمبيدات المحظورة والإشعاعات النووية

الجزائر غاضبة من حملة مقاطعة المغاربة لتمورها المُشبّعة بالمبيدات المحظورة والإشعاعات النووية

عبدالقادر كتــرة

تمّ، الاثنين 13 مارس الجاري، إتلاف ما يقارب 500 كيلوغرام من التمور الجزائرية المستوردة، بعد ضبطها بأحد المستودعات في منطقة درب السلطان، في مدينة الدار البيضاء.

هذه التمور التي جرى إتلافها دخلت إلى المغرب بطرق غير قانونية، ولم تخضع لمراقبة المصالح المعنية بذلك، حيث طلبت السلطات من صاحب التمور الإدلاء بالأوراق والرخص التي تثبت قانونية استيراد هذه التمور إلا أنه لم يفعل ذلك.

واشتكى مهنيو القطاع من خطر إغراق السوق المغربية بالتمور الجزائرية والتونسية المستوردة، داعين إلى حماية المنتوج الوطني من التمور بجميع أنواعه وفئاته من المنافسة الأجنبية غير النزيهة.

من جهة أخرى، طالبت فرق برلمانية، مؤخرا، وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، بالكشف عن الإجراءات والتدابير التي ستتخذها وزارته لتثمين المنتوج الوطني من التمور وحمايته من المنافسة غير النزيهة، وأيضا الإجراءات والتدابير المتخذة لضمان سلامة وصحة المستهلك.

من جهة أخرى، انطلقت حملة في شبكات التواصل الاجتماعي والتواصل الفوري تنادي المواطنين المغاربة بمقاطعة التمور الجزائرية المُشبّعة بالمبيدات المحظورة والإشعاعات النووية الممنوعة في مختلف دول العالم والتي غزت الأسواق المغربية قبل أيام من حلول شهر رمضان الأبرك، رغم وفرة التمور المغربية وتنوعها وجودتها وسلامتها، كما تساءلت الحملة الفيسبوكية عن تواجد هذه التمور الجزائرية التي قطع نظامها العسكري علاقاته مع المغرب وأغلق الأجواء  عن الطائرات المغربية والحدود البرية وقطع الغاز عن بلد شقيق عربي مسلم  وأغلق الأنبوب المغاربي وهدد إسبانيا البلد الكافر إن هو  باع الغاز للشعب المغربي…

ومن الغرائب والعجائب الجزائرية، أن تثير هذه الحملة حفيظة النظام العسكري الجزائري وقطيعه الشعبي التابع ومزابله الإعلامية  الرسمية وقنوات صرفه الصحي، ويعبر عن غضب غير مبرر وغير مفهوم وغير مقبول،  تجاه هذه الحملة الفيسبوكية المغربية ضد استهلاك التمور الجزائرية لاحتوائها على مواد مسرطنة ومبيدات حشرية بشهادة  مسؤولين جزائريين و”الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين”.

ونصحت الحملة المستهلك المغربي تجنب اقتناء التمور الجزائرية مع اقتراب حلول شهر رمضان الذي يستهلك فيه المغربة بكثرة هذا المنتوج، واستبدالها بالتمور المحلية أو المعروضة لدول أخرى.

ولم يجد إعلام النظام العسكري الجزائري ما يبرِّر غضبه إلا بترويج تُرَّهات وأكاذيب تستهدف الدولة المغربية وما يحلو له بتسميته ب”المخزن المغربي”، متهمين إياه بقيادة “حملة مقاطعة للتمور الجزائرية”، مع العلم أن الأمر يتعلق بحملة فيسبوكية مغربية لمقاطعة التمور الجزائرية، ولو أراد “المخزن المغربي” ذلك لتمّ منع استيراده بكل بساطة وشفافية ووضوح وشجاعة، من الأسواق العالمية ومنع الشركات من استيراده، ولا دخل له في المقاطعة.

جريدة الشروق العسكرية عنونت مقالا لها ب”هاشتاغ المغاربة يشوهون التمور الجزائرية يجتاح تويتر” تم نشره يوم الثلاثاء 14 مارس الجاري، جاءت فيه :”اجتاح هاشتاغ المغاربة يشوهون التمور الجزائرية موقع تويتر، عقب الحملات الإعلامية التي تحذر من اقتنائها بزعم احتوائها على مواد مسرطنة”.

وأضافت: ” وتلقى التمور الجزائرية رواجا واسعا في المغرب خاصة في هذه الفترة التي تسبق قدوم شهر رمضان رغم الحملات  الإعلامية التي تحذر من اقتناءها والتي سقطت جميعها أمام جودتها”.

وزادت :”رغم فشل حملات المقاطعة التي اطلقت العام الماضي، ظهرت مجددا أصوات في المغرب تدعي خطورتها على صحة المستهلكين دون تقديم دليل واضح، لكن الذي غاب عن ذهن ناشري التحذير أنها معروفة عالميا ومطلوبة جدا في عديد من الدول وتخضع على غرار الكثير من المواد الاستهلاكية إلى المراقبة والتحليل وفق المعايير الدولية.

وسبق أن نشرت نفس الجريدة  الناطق الرسمي باسم العسكر الجزائري، يوم 22 مارس 2022، مقالا عنونته ب “إعلام النظام المغربي يقود حملة مقاطعة للتمور الجزائرية!”، ومما جاء فيه “أطلقت وسائل إعلام محسوبة على النظام المغربي، ما أسمتها حملة مقاطعة للتمور الجزائرية، بدعوى إنها “تحمل موادا سامة”، وذلك أياما قبل شهر رمضان الفضيل.”

واستطردت المزبلة الإعلامية الجزائري “وتداولت مواقع وصفحات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، معروفة بترويجها لشائعات ومعلومات تعدها “مخابر المخزن” وذبابه، منشورات ومقالات تحذر فيها المغاربة من اقتناء التمور الجزائرية بدعوى أنها “معالجة بمواد مسرطنة“.

وعلاقة بالموضوع، لا بدّ للمرء أن يتساءل بغرابة “كيف لهذا النظام العسكري الجزائري الغبي والبليد  أن يغضب لمجرد حملة فيسبوكية لمقاطعة منتوج جزائري لأنه مشكوك في جودته وصِحِّيته، كما اعتاد المغاربة أن يتفاعلوا حتى مع المنتوجات المغربية ويطالبون بمقاطعتها، لأنه سلوك حضاري وديمقراطي وحرية في التعبير، خلافا لما هو واقع في الجزائر حيث المواطن الجزائري المغلوب على أمره ممنوع من التظاهر والتعبير والاحتجاج،  في الوقت الذي لم يغضب المغاربة عندما قرر النظام العسكري الجزائري الخبيث والحقود والحسود، وقف ضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر الأنبوب العابر للأراضي المغربية لحرمان المغرب من حصته في الغاز بل هدد حتى إسبانيا بقطع الغاز عنها إن هي تجرأت وزودت المغرب بالغاز، كما أمر الرئيس الجزائري المعين الشركات الاقتصادية جزائرية بإنهاء علاقات تعاقدية مع الشركات المغربية وصفها ب”كيانات معادية“”.

ولتذكير القطيع الجزائري الغبي الذي تسوقه مزابله الإعلامية، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المأمور من النظام العسكري، خلال أكتوبر 2021، بوقف ضخ الغاز نحو إسبانيا عبر التراب المغربي، كما أمر تبون شركة سوناطراك بوقف العلاقة مع الديوان المغربي للكهرباء والماء، وعدم تجديد العقد المبرم مع الشركة المغربية.

جاء هذا القرار بعد تسلم الرئيس عبد المجيد تبون تقريرا حول العقد، الذي ينص على منح مقابل مادي للمغرب مقابل مرور أنبوب الغاز نحو إسبانيا عبر الأراضي المغربية.

كما أثارت صفقات الشركة الجزائرية للتأمين “أس أ أ” والشركة الجزائرية للتأمين وإعادة التأمين “كار” مع المتعامل المغربي “أوراس” في مجال البرمجيات غضب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بسبب اقتناء برمجيات تعادل قيمتها 50 مليار سنتيم، وتسديد حقوق الصيانة والتحيين التي تعادل 5 ملايير سنتيم سنويا، حيث أمر بفسخ كافة العقود “غير المبررة” للشركات الوطنية مع متعاملين أجانب، في ظرف 10 أيام.

الخبير الاقتصادي الجزائري “عبد الرحمن عية”  برر هذا الموقف الجزائري بقوله في تصريح للإعلام الجزائري :”إن فسخ الصفقات مع بعض الجهات “المعادية للجزائر”، وفقا لتعليمة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لا يرتبط بالجانب الاقتصادي فقط، ولا يمكن عزله عن العلاقات السياسية، التي تلعب دورا هاما في تعزيز العلاقات التجارية أو قمعها، ويؤكد “عية” أن التعاملات الاقتصادية الجزائرية المغربية تظل منخفضة بسبب الخلافات السياسية، وأيضا كون أن المغرب دولة تهتم بالأرباح المالية والمصالح المادية أكثر من البعد القومي والجانب الجيوسياسي، “الذي نرى أنه يلعب دورا هاما في قرارات المسؤولين الجزائريين قبل إبرام أية صفقة”.

وسبق أن وجه الاتحاد الأوروبي ضربة قاسية موجعة  لاقتصاد النظام العسكري الجزائري بعد رفضه لأطنان من تمور “دقلة نور” الموجهة لأسواق دول  أوروبا بموجب بروتوكول وزارة الزراعة.

وتمّ إعادة عدة كميات من التمور الجزائرية المصدرة إلى أوروبا من قبل سلطات هذه الدول، حيث تمّ  في فرنسا  سحب البضائع المصدرة هذا الصيف بسبب وجود مبيد محظور من قبل منظمة الصحة العالمية واكتشفه المعامل الأجنبية.

ودق مصدرو التمور الجزائريون ناقوس الخطر بسبب رفض دخول الأسواق الأوروبية عدة كميات من “دقلة نور”، بعد أن أكدت تحاليل مخبرية إيجابية نتائجها بالنسبة لـ Diflubenzuron ، وهو مبيد حشري محظور من قبل الاتحاد الأوروبي ، بينما لا يزال مطبقًا في بروتوكول وزارة الزراعة.

هذا الوضع يهدد بالتالي الجودة الممتازة للتمور الجزائرية وتصديرها، بسبب عدم امتثال السلطات الجزائرية للمعايير المحدثة من قبل منظمة الصحة العالمية ، إذ يتم مراقبة استخدام المبيدات الحشرية على المنتجات الزراعية عن كثب ويستند إلى المعايير التي تحمي المستهلكين في أوروبا، وهي عملية لا تتبع على نطاق واسع في الجزائر.

وسبق أن حذرت سلسلة محلات “ساينزبوريز” التجارية في بريطانيا من تناول تمور “دقلة نور” الجزائرية، إثر الاشتباه في تسببها لالتهاب الكبد الوبائي A النادر  ما يهدد حياة المصابين به، غير أنه قد يكون قاتلا إذا تسبب في فشل عمل الكبد.

وطلبت السلسلة التجارية من الذين اشتروا التمور “عدم استهلاكها وإعادتها لأقرب متجر”، لافتة إلى أن هذه التمور يجري تسويقها عبر علامة تجارية أخرى، أنها حققت في الأمر بشكل مستعجل مع مصدّر هذه التمور في الجزائر، وأنها تتواصل “بشكل وثيق” مع وكالة معايير السلامة الغذائية.

وكانت العديد من الدول قد رفضت استيراد التمور الجزائرية، فيما قامت أخرى  كما هو الشأن بالنسبة لكندا وفرنسا وكندا وروسيا وقطر بإتلاف وإحراق آلاف الأطنان من هذا المنتوج بسبب احتوائه على مواد كيماوية والدود والحشرات. وفي سنة 2018، فضلت كندا إعادة التمور الجزائرية من فصيلة “دقلة نور”، التي كانت كميات كبيرة منها تحتوي على الدود، بإتلاف الكميات التي سبق لها أن استوردتها من الجزائر.

ودق عدد من مصدري دقلة نور الجزائرية ناقوس الخطر، بعد رفض دخول عدد من حاويات التمور المُصدرة نحو بلدان أوروبية، على خلفية وجود بقايا مواد كيميائية خاصة بمادة “ألفا زيرون” التي تستعمل في مكافحة دودة التمر، التي تم الكشف عنها من طرف مخابر خاصة بتحليل الجودة والمطابقة في أوروبا.

وبحسب المزارعين، تواصل الجزائر استخدام هذه المبيدات في العديد من المنتجات الزراعية، بما في ذلك الحمضيات والفواكه الأخرى، لكن  استخدامها في التمور يعرض تصدير هذا المنتج للخطر، وهو أمر يحظى بمراقبة جدية ودقيقة من قبل الأسواق الأوروبية.

وطالبت “جمعية مصدري التمور” بالوقف الفوري لعلاج هذه المادة بالمواد الكيميائية، والتي تسببت حسبها في حصار دولي على “دقلة نور” الجزائرية التي تم حظرها مؤخرا في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية، لاحتوائها بقايا “مواد مسمومة”، وطالب المصدرون من المصالح الفلاحية ضرورة مراجعة المواد الكيميائية المستعملة في علاج التمور، والتي تصلح حسبهم للحمضيات، لكنها مضرة ومسممة للتمور، حيث تتطلب الأخيرة مواد عضوية بيولوجية مستعملة في بلدان مجاورة وأثبتت فعاليتها في العلاج الطبيعي للتمور.

كما طالب المزارعون الجزائريون وزارة الزراعة الجزائري بتحديث بروتوكول المواد الكيماوية المستخدمة ضد الآفات الحيوانية والنباتية للمحاصيل.

وسبق لرئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين علي باي ناصري، قال فيه إن “المشكل الأساسي بالنسبة للجزائر في تصدير المواد الفلاحية هو ضعف المعالجة الكيماوية، حيث يتم المبالغة في استخدام 5 أنواع من الأسمدة والمبيدات الحشرية الممنوعة في الخارج وهو ما يجعل هذه المواد غير قابلة لدخول السوق الأوروبية والأمريكية وحتى أسواق دول عربية تعتمد معايير عالية في استيراد الخضر والفواكه…”

وضرب في هذا الإطار مثالا بالتمور الجزائرية التي تنتشر الدود عبر 20 بالمائة من محصولها وهو ما يجعل تصديرها أمرا صعبا، وحتى إن خرجت من السوق الجزائرية فقد يتم إعادتها في أي لحظة بسبب عدم مطابقتها للمعايير المطلوبة، مشيرا بالمقابل إلى أن نسبة انتشار الدود في التمور التونسية لا تتجاوز الـ5 بالمائة.

وسبق لجمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بإقليم زاكورة بالمغرب، في حوار سابق مع أسبوعية “الوطن الآن”، أن صرح بإنه حان الوقت بالنسبة للمغرب ليرفع الرسوم الجمركية على بيع التمور الجزائرية أو وقف استيرادها، وذلك بحكم أنها تضم مواد حافظة وخطيرة، إلى جانب تضرر الواحات بالجزائر بسبب التجارب النووية الفرنسية أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات.

أقشباب دعا إلى استهلاك التمور المغربية، لاسيما أن حجم إنتاج التمور بالمغرب مهم جدا، وتمتاز بجودتها وبيولوجية 100 في المائة، وذلك عبر خلق شركات خاصة لتثمين التمور ووضع إستراتيجية للتسويق الداخلي والخارجي والحد من استيراد التمور الأجنبية التي تنافس المنتج المحلي.

من جهة أخرى، لا بدّ من الإشارة إلى أن الجزائر لا تزال من بين أكبر خمسة منتجين للتمور في جميع أنحاء العالم. وبحسب آخر تصريحات بلغت صادرات هذا المنتج في الأحد عشر شهرًا الأولى من عام 2021 أكثر من 70 مليون دولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *