إعلاميان جزائريان عاقلان يجلدان مواطنيهما لنجاحهم في”كسب الأعداء” في القارة السمراء بتصرفاتهم الخرقاء

إعلاميان جزائريان عاقلان يجلدان مواطنيهما لنجاحهم في”كسب الأعداء” في القارة السمراء بتصرفاتهم الخرقاء

عبدالقادر كتــرة

في خرجة جريئة وصادقة، ولأول مرة في تاريخ الإعلام الجزائري المنبطح للنظام العسكري الجزائري، تسلَّح إعلامي جزائري عاقل بسلاح المنطق  والواقع والصِّدق، وكتب مقالا تمّ نشره بجريدة الخبر الجزائرية، بتاريخ 15 ديسمبر 2022، تحت عنوان : “”كسب الأعداء” في القارة السمراء يتعدى الخطوط الحمراء”، خاصة في المجال الرياضي، وقدّم تشريحا مفصلا وقاسياًّ وواقعيا لمجموعة من السلوكات والتصرفات والتهجمات وصلت إلى حدّ الاعتداءات صدرت من عدد من الجزائريين وصفهم ب”مغامرون بصفة.. ناطق رسمي”، سجلتها مختلف الوسائل الإعلامية القارية والعالمية بمختلف المحافل الدولية الرياضية، أسفرت عن مواقف منفرة ومقززة تجاه الجزائر.   

وجاء في مقال الإعلامي الجزائري “ رفيق وحيد” أنه “وجَب اليوم، والعالم مشدود إلى نهائيات كأس العالم، وضع “نقطة نظام” للنظر في تداعيات “التهريج” الإعلامي والجماهيري في قضايا صنعتها “عنوة” المباريات، وحذّر، بسببها، الكاميروني صامويل إيتو من مغبّة تحويل اللّعبة إلى كرة “الدم”، في حال إسقاط حرف “القاف”، قسرا، عن كرة القدم”

وزاد قائلا : “ونحن على مشارف سنة 2023، تكون قد مرت ثلاث أرباع سنة على قضية إقصاء الجزائر من مونديال قطر 2022.. مونديال الأحلام الذي أدخل شعبا برُمّته في كابوس لا يبدو له نهاية.. كابوس تبّنته الجماهير “على الرحب والسعة”، بل وانتشت، لأيام وأسابيع وشهور، بمرارة “نظرية المؤامرة” التي تمّ تسويقها من جانب السواد الأعظم من الإعلام الجزائري ومن “المتاجرين” بأحلام الجزائريين على صفحات التواصل الاجتماعي وقنوات “اليوتوب” بمستوى “قمة” في الانحطاط”.

وسجّل أن “تجارة الوهم وأمام تغييب صوت العقلاء والحكماء، خرجت عن السيطرة وطلّقت ضوابط وقواعد فرضت نفسها، إلى حين، في مراحل حساسة، تداخلت خلالها السياسة مع الرياضة.. ولأن “الناطق الرسمي” باسم البلد لم يكن يوما لأن يسطو عليه “المغامرون” من خارج “الإطار الرسمي”، فإن موقف الجزائر من قضية الاعتداء على صحفيين جزائريين بالكاميرون خلال “كان 2022” ارتقى إلى المكانة الحقيقية للبلد، فحضَرت لغة “العقل” من الرسميين الجزائريين، من خلال الجزم بأن الأمر “حادث معزول” بغرض “قتل” أية فتنة محتملة بين الشعبين الجزائري والكاميروني، في المهد.

واستطرد قائلا : “اليوم ونحن نسير على نقيض الأمم المنتشية بمباريات كأس العالم والمنبهرة بتنظيم قطر للحدث، والمهتمة أكثر بـ”مفاجآت” مونديال “العرب”، نكون قد اخترنا، “طواعية” أو “بلا وعي”، كسب “أعداء” في القارة السمراء.. بل هو “هوَس” تجاوَز كل الخطوط الحمراء، وأضحى “حالة مرضية”، على ما يبدو مستعصية، تهدّد مصالح الجزائر ونهجها السياسي في إفريقيا.

وأضاف : “من الصادم أن ينظر العالم إلى الجزائر من زاوية مَن أقسم بأن “الماتش يتعاود”، حتى قبل أسبوع عن انطلاق المونديال دون منتخب الجزائر، ومن العيب أن يكتب صحفي سعودي عن حادثة محاولة تجريد سعودي من علم مغربي بقطر، ومن المؤسف أيضا أن يبلغ ملاحقة الكاميرونيين في كل مكان حدّ دفع إيتو للتهوّر والاعتداء جسديا على “يوتوبور” جزائري، كان، على ما يبدو، يبحث، باسم “حب الجزائر”، على مثل هكذا سيناريو، لكسب شهرة “على حساب الجزائر” ولو بتلقي اللكم والرفس.

ثم إن “قضية غاساما” عاشت وعمّرت في يوميات الجزائري بارتدادات دولية، بنفس “ارتدادات” قضية الحكم البنيني كوفي كوجيا في 2010، فقد اختير لسيناريو هزيمة الكاميرون نفس “حبكة” سيناريو هزيمة مصر، مع تغيّر الزمان والمكان، وتغيّر أيضا رواد الطرح السائد.. “سبابنا الحكم”، حتى وإن كانت “الفيفا” قد احتفظت باسم الحكم الغامبي ضمن قائمة حكام مونديال قطر، للقول “ضمنيا”، بأن حجة الجزائر “باطلة”، مثلما أبطل مسؤولو “الفاف” أنفسهم، بعد 2010، حجة “سبابنا كوفي كوجيا”، حين دعت لجنة تحكيم “الفاف” الحكم البنيني بعد المهزلة “المزعومة” في كان 2010 بأنغولا، لحضور ملتقى حول التحكيم بالجزائر.

الاختلاف بين قضية باكاري غاساما وقضية كوفي كوجيا، أن واحدة انتهت بأخف الأضرار على الجزائر وأخرى ألحقت بالجزائر كل الأضرار.. بل إن الأخطر في “قضية الحال”، التقاء أوصاف العنصرية والهمجية والتجرّد من الروح الرياضية والتصاقها بكل جزائري وبكل ما هو جزائري، بسبب تصرفات أشخاص يحملون، فعلا، الجنسية الجزائرية، لكنهم في الواقع، لا يعكسون حقيقة الأخلاق والطِّباع الجزائرية.

وأشار إلى أن ما قاله النجم صامويل إيتو، من منصبه كرئيس للاتحاد الكاميروني لكرة القدم، جدير أن يستوقف الجزائريين إلى حين، فالرجل وهو يعتذر للجماهير العريضة وليس لمَن أشبعه “طريحة”، حرص على مناشدة السلطات الجزائرية لوقف “انحراف” بعض الجزائريين، حتى أنه جعل “كل العالم”، في عز مسابقة “كأس العالم”، شاهدا على “التبليغ” و”التحذير” من “فاجعة” محتملة بسبب موقف “بعض” الجزائريين من الكاميرونيين منذ نهاية تلك “المباشرة الشهيرة” بالبليدة.

وأضاف أن قضية المباراة التي أدارها الحكم الغامبي باكاري غاساما وشهدت إقصاء “دراماتيكيا” للجزائر أمام الكاميرون وبخُّر أحلام التواجد في المونديال العربي، كان لها وقع شديد على الجماهير الجزائرية بنفس شدّة أقوى زلزال، وكانت الانزلاقات “الأولى”، خاصة من المدرب الوطني جمال بلماضي، كانت بمثابة خارطة طريق خاطئة.

وزاد الأعلامي الجزائري العاقل  قائلا : “وقد أخذت ملاحقة “الكوتش” للحكم غاساما بمطار الجزائر الدولي أبعادا خطيرة، بدليل أن تصريحاته صدمت الرأي العام الدولي، والتي قال فيها “لم أتحمّل رؤية غاساما في المطار وهو يأكل الحلوى بعد الذي فعله.. لا أقول بأنه يجب قتله…”. وقد كانت تصريحات بلماضي، وقتها، بمثابة “ضوء أخضر” لمجموعة من المتاجرين بأحلام الجزائريين لـ”كسر” كل القيود لـ”الانحراف” والانسياق وراء الترويج لـ”نظرية المؤامرة”، فجاء التجمع أمام مقر “الفيفا” للاحتجاج على “استبعاد” الجزائر من المونديال، وتلاه “اكتساح” مقر اتحاد غامبيا لكرة القدم بحثا عن غاساما للاعتراف بتلقيه رشوة، وأنهاه استفزاز إيتو نفسه، في قلب المونديال، والذي انتهى بأول “اعتداء” الإعلامي الجزائري العاقل رفيق “.

وذكر بأن المعتدَى عليه بسبب الاستفزاز يستثمر حتى في صورته الملتقَطة بعد “حادثة إيتو” مع السفير الجزائري بقطر، إلى أن الجزائر مقبلة على استضافة أفارقة بأراضيها بمناسبة تنظيم “الشان”، ومن بين الضيوف نجد منتخبَي المغرب والكاميرون.

واستنتج أن ذلك  كان لـ”الحطب” الذي وضعناه منذ أشهر، أن استغلّه رواد التواصل الاجتماعي من الكاميرون، بل واستثمروا فيه لإشعال “نار الفتنة” وللترويج، منذ الآن، إلى ضرورة مقاطعة “شان الجزائر”، حتى إن “الانحراف” المتواصل والمونديال على مشارف الانتهاء، منح فرصة لهؤلاء من أجل “فتح” ملفات قديمة لإقامة الحجة على الجزائر، مثلما يُبرزه بوضوح “التذكير” بمقتل اللاعب الكاميروني ألبير إيبوسي بالجزائر، ويُثبتُه استعادة “ذكريات سيئة” عن ملعب عنابة الذي احتضن مباريات الكاميرون في “كان 1990″، وهي جوانب تُسوّق للعالم اليوم صورة قاتمة خاطئة عن الجزائر وعن شعبها.

واختتم الإعلامي الجزائري رفيق  وحيد أنه “أمام كل هذه الوقائع والحقائق وما تقدّمه من مؤشرات واضحة على أن ثمة مَن يريد أن يكون لها ارتدادات “سلبية” عن الجزائر “مع سبق الإصرار والترصّد”، فقد أضحى تفعيل الإرادة السياسية وبعث الدبلوماسية الرياضية أكثر من ضرورة لـ”إصلاح الضرر”، خاصة وأن ما حدث وما يحدث يقف على الطرف النقيض من السياسة الجزائرية التي تسير في نهج العودة إلى العُمق الإفريقي، فيما يقودنا المغامرون إلى حشد كل الأفارقة للوقوف ضد كل ما هو جزائري.”

 

لا بدّ من التذكير بأن أحد ألمع الصحافيين الجزائريين وأفضل الأقلام الإعلامية الجزائرية النزيهة والجريئة،  سبق أن كتب مقالا جدّ قاسٍ على أعمدة صحيفة “لوماتان الجزائر”،  نقل فيه حقائق محزنة  وصريحة إلى كل الجزائريين لن تروق لجنرالات النظام العسكري بثكنة بن عكنون وأزلامهم كهنة معبد قصر المرادية، ستخدش  عجرفتهم وكبرياءهم وتفضح أسرارهم وتكشف عن وجههم الحقيقي المتوحش وتعري عن صورته المارقة الرعناء

استهل الصحفي الجزائري “حبيب خليل”  مقاله الذي عنونه ب”لماذا يَكْرهُ الجميع الجزائريين؟”، بالحديث عن سلوك الشعب الجزائري وردود فعل الجماهير الرياضية الجزائرية غداة إقصاء المنتخب الوطني الجزائري في الدور الأول من إقصائيات كأس إفريقيا التي جرت أطوارها بالكاميرون شهر مارس الماضي، والذي كان النظام العسكري الجزائري يعقد عليه الأمل لتنويم شعبه  وإلهائه عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية السياسية التي كان يتخبط فيها، وقال :”ردود الفعل المحيرة، وأحيانا الغريبة من قبل العديد من الجزائريين، في اليوم التالي لإقصاء المنتخب الوطني من كأس الأمم الأفريقية، تظهر درجة التحلل المتقدم للبلاد“.

واستطردا :”لشرح الفشل، فإن أجهزة التلفاز الغبية، التي سربت تحت شعار “الجزائر الجديدة”، وبثت تقارير، حيث أظهرت، في كل مكان في البلاد، في الجزائر العميقة، أناسا مذعورين وغاضبين يصرخون : إنها  مؤامرة، والبلد مستهدف، واليد الأجنبية ضربت مرة أخرى! يتهمون الجميع بعبارات مؤذية، بإيحاءات عنصرية قوية… عشوائياً، بغطرسة، بدون ضبط النفس، بالعجرفة والتظاهر، نُدين الاتحاد الإفريقي لكرة القدم والمغرب والكاميرون والدول التي هزمتنا رياضياً“.

لقد رأى الكثيرون، في هذا الإقصاء المبكر، يد الشيطان  وأرواح الجن، ومكانس السحرة، وتعاويذ “الكحلوش”، وطلاسم الأولياء، ميِّتين وأحياء، العالم المرئي وغير المرئي، أفريقيا وأوروبا، كلّ هذا اتّحد ضدنا! ضد أعظم دولة في إفريقيا، مكة القضايا العادلة، الصورة الرمزية لفلسطين، ذراع الله المسلح على هذه الأرض!”.

وتساءل الصحفي الجريء، إن كان يختبئ في كل جزائري “تبون” لا يعرفه، وفي كل مؤيد “شنقريحة”،   أو “خليفة” في طور البعث، كما تساءل كيف أصبحت السلطة والشعب المتعصبان يتحدثان أخيرًا بصوت تآمري واحد، مثل الدمى والمتكلمين من بطونهم في اندماج تام.

خلال البطولة الأفريقية، بثت القنوات الإسلامية تقارير سريالية، حيث هرع  الرقاة طاردو الأرواح الشريرة والمشعوذون إلى الكاميرون، وكانت مهمتهم إبطال التعويذة التي سيكون المنتخب الجزائري  ضحية لها ولا يستطيع لاعبوه  تسجيل الأهداف.

استطرد الصحفي بكلّ قساوة وسخرية: “لكن لا القرآن ولا قنينات الماء المقدس من زمزم منع الإذلال. اختلطت الأزمات الجماعية المهلوسة والفصامية بخيبة الإقصاء: “هذا كثير: هزم الثعالب والقرآن الكريم، ترتعد البلاد ومعتقداتها! صحافي رياضي، ليعبر عن ارتباطه بالمنتخب الوطني الجزائري، أعلن عن استعداده للذهاب والجهاد في فلسطين! ما العلاقة، تقول؟ لا شيء، مجرد دليل على الحب!”

وتساءل  كيف وصل الشعب الجزائري إلى هذه الحالة في عام 2022، وإلى مجرد “قبيلة” يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة، متدينة بشكل شنيع، والتي سلبها المقدس والأسطورة بالكامل، يتخذون أنفسهم مركزًا له، لدرجة الاعتقاد بأن المادة والميتافيزيقيا سوف يجتمعان لإقصائهم من بطولة رياضية بسيطة، في البلد حيث كرة القدم هي الملاذ الرئيسي.

وأشار،  بكلّ صراحة، إلى أن  الهزيمة مرادفة للعودة إلى الواقع والحياة اليومية المحبطة، وهو ما لا يريده النظام الحاكم، واقع مُرّ ومُحبِط جدًا إذ الهزيمة هي  العودة إلى نقص الحليب والزيت، إلى الفقر، إلى  وباء كوفيد، إلى انهيار النظام الصحي، إلى نقص الطحين والأدوية، إلى التضخم، إلى قبح المدن والدواوير، إلى عنف الحياة اليومية، إلى مراكز جمع النفايات البرية، وتقنين المياه، والبطالة، والملل، والتعسف، وسجناء الرأي  والحراقة … إلى الجحيم!

وذكّر بأن الجالية الجزائرية في فرنسا والتي توجد بقوة، كانت تتمنى هزيمة “ثعالب الصحراء”، ليس بدافع الغيرة أو الحسد أو بعض المؤامرات الأخرى المتناقضة،  لكن لمجرد راحة البال، وتجنيب البلد ليالي الهياج والاشتباكات والتخريب بالسيارات، وهي الصورة القاتمة  التي يقدمها الجزائري للخارج.

وأوضح خليل لحبيب أن صناعة العدو والعزلة والتدين المفرط والحصار الذي يعيشه الجزائريون، جعلت منهم كائنات غريبة  يعتقدون أنها تحمل وتحمي “سرّ  تحويل الحجر إلى ذهب”  و أسطورة “ينبوع الشباب”، إذ 90٪ من الجزائريين لم يسافروا قط، ولم يروا قط سويديًا أو سويسريًا، والأسترالي  بالنسبة لهم، غريب مثل قفزات الكنغر، على القناة الجغرافية الوطنية.

وختم مقاله بقوله “إن جزائر 2022 تغرق، كل يوم أكثر بقليل، في العصور الوسطى…وعندما يكون مصير المباراة أهم من مصير 300 من سجناء الرأي. عندما لا نحترم، لا الأحياء ولا الأموات ولا النساء ولا معتقدات الآخرين في بلد حديث المولد، هذا يشبه وأد  الأطفال، وأكد على أن الأمل لم يَعُد  مسموحًا به،  اللهم إلا إذا   كانت هناك معجزة، لأن الأمل ليس هو الذي يُنقذ، بل الأفعال التي تجعله ممكناً .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *