الجزائر: 10 سنوات سجنا لرسام كاريكاتير ومذكرة توقيف دولية بسبب رسومه الصحفية
عبدالقادر كتــرة
استمرارا لنهجه القمعي وتصميمه على تكميم الأفواه وإسكاتها بشتى الوسائل، أصدرت محكمة النظام العسكري الجزائري، الأربعاء 29 نونبر 2022، حكمها القاضي بالسجن عشر سنوات رسام الكاريكاتير الجزائري غيلاس عينوش، الذي يعيش في فرنسا، بتهمة “الاعتداء على رئيس الجمهورية” من خلال رسوماته، حسب ما صرحت به اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين .
وغرّد رسام الكاريكاتير الشاب على تويتر ” رسميا، حكمت محكمة جنايات بجاية على رسام الكاريكاتير غيلاس عينوش بالسجن 10 سنوات ومذكرة توقيف دولية بسبب رسومه الكاريكاتورية الصحفية“.
وبحسب اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين، فإن التهم التي وجهتها إليه محكمة سيدي عائش (بجاية، شمال الجزائر)، هي “الإشادة بأعمال إرهابية، وجريمة اعتداء على رئيس الجمهورية وجريمة ازدراء لشخص اعتباري “.
هذا الرسام الشاب المتعاون السابق في الصحيفة الأسبوعية الساخرة الفرنسية شارلي إيبدو، البالغ من العمر 34 عامًا، يعيش في فرنسا منذ عدة سنوات، وهو مقرب من الحراك المؤيد للديمقراطية، وينشر رسوماته على مدونته الشخصية أو على وسائل الإعلام المعارضة عبر الإنترنت، وهو معروف بجرأته وشجاعته في انتقاده لأي سلطة سياسية، بما في ذلك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
لا بدّ من الإشارة إلى أن كثيرا من الجرائد الجزائرية تُطالب رساميها بالابتعاد عن المواضيع السياسية، حسب ما سبق أن صرح به رسّام الكاريكاتير الجزائري المعروف باسم “باقي” :”وهذا غير ممكن، فحُرية الإبداع موجودة في كل مكان. ويقدم باقي مثالاً، “هل يمكن إدخال لاعب كرة القدم إلى الملعب ومطالبته بالفوز وهو لا يملك الكرة”؟”.
في المقابل، يتأسف الرسام الجزائري “باقي بوخلفة” (1977) في حديث لـ “اندبندنت عربية”، من الوضعية التي يوجد فيها فن الكاريكاتير في الجزائر، “نحن لا نمتلك ثقافة استهلاك الصورة”، إذ “تنكرت للكاريكاتير غالبية الجرائد الورقية وتخلت عن هذا الفن الإبداعي”، مما أحال العديد منهم على هامش المجتمع وفي صفوف البطالة، بينما فرضت صحف أخرى على من صمدوا عدم التطرق إلى مواضيع تمس بمصالحها الاقتصادية أو روابطها مع الطبقة الحاكمة، وعلاقاتها مع السلطة، لضمان استمرارها في السوق، “نحن أمام المحافظة على لقمة العيش أو المغامرة، لكن دائماً أقول إن الرسام الذكي من يتمتع بالنفس العميق حتى لا يخسر إبداعه”.
وسبق أن أصدرت محكمة جزائرية حكما بالسجن عام منه شهرين نافذين بحق الصحفي، بلقاسم حوام، في أكتوبر 2022، بعد اتهامه بـ”نشر أخبار كاذبة” في مقال عن رفض شحنة تمور جزائرية بعد تصديرها بسبب معالجتها بمبيدات محظورة.
وسبق لمنظمة العفو الدولية أن طالبت السلطات الجزائرية بوضع حدٍّ فوراً لحملة المضايقات المتصاعدة ضد الإعلام التي شهدت مؤخراً إصدار أحكام قاسية بالسجن بحق صحفييْن بارزين لمجرد تعبيرهما عن آرائهما أو لتغطية الاحتجاجات.
فمنذ انطلاق حركة الحراك الاحتجاجية، التي تدعو إلى تغيير سياسي جذري في الجزائر، في فبراير 2019، تعرض للسجن ما لا يقل عن ثمانية صحفيين بسبب تقاريرهم أو تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، غالباً بعد إدانتهم بتهم مزيفة مثل “المساس بسلامة وحدة الوطن”، أو “إهانة رئيس الجمهورية، أو “التحريض على التجمهر غير المسلح”. ويواجه العديد من المواقع الإخبارية على الإنترنت المعروفة بموقفها الانتقادي تجاه الحكومة عرقلة في وصول الأشخاص إلى مواقعها عبر الشبكات الجزائرية.
بالإضافة إلى مضايقة الصحفيين، تم منع الوصول إلى العديد من المواقع الإخبارية على الإنترنت في الجزائر، حيث اعترفت السلطات بأنها حجبت اثنين منها على الأقل. ففي 15 أبريل، اعترف وزير الاتصال السابق عمار بلحيمر بأن السلطات، دون إخطار مسبق، قد أوقفت احترازياً اثنين من وسائل الإعلام المستقلة عبر الإنترنت، مغرب إيمرجنت Maghreb Emergent وراديو “إم بوست” RadioMPost، بانتظار اتخاذ “إجراءات المتابعة القضائية” ضد مديرها، إحسان القاضي، بسبب “القذف والذم” ضد الرئيس عبد المجيد تبون. ولا يزال الموقعان الإعلاميان محجوبيْن، ولا يمكن الوصول إليهما عبر الإنترنت في الجزائر.
ويواجه العديد من المواقع الإخبارية الأخرى على الإنترنت المعروفة بموقفها النقدي تجاه الحكومة تعطيلًا في إمكانية وصول الأشخاص إليها عبر الشبكات الجزائرية. فعلى سبيل المثال، يتعذر الوصول إلى موقعي تو سور لالجيري Tout sur l’Algerie وأنترلني Interlignes منذ 2019.