” البيجيدي” ينتقد سرعة البرق في تمرير ميزانيات المجالس الترابية بجهة الشرق ويتأسف لصراع التعويضات والإمتيازات ويدعو إلى مزيد من التعبئة لمناهضة الفساد ( بلاغ )
انعقد اجتماع الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية يوم السبت 12 نونبر 2022 في سياق مدارسة معضلة اليأس العام، وأوضاع جهة الشرق جراء موجات الغلاء المتواصلة التي شملت كافة وسائل العيش وخاصة المواد الأساسية، وتجاهل حكومة النكوص الهجينة لمعاناة المواطنين بمناسبة تقديم مشروع القانون المالي 2023 وكذا هزال تدبير الشأن العام بمجلس الجهة ومجلس العمالة ومجالس الأقاليم والجماعات بالجهة والذي لا يمكن إلا أن يسهم في رفع منسوب الاحتقان السياسي والاجتماعي.
وقد حضر هذا اللقاء عضو الحزب بمجلس جهة الشرق بموقع المعارضة محمد توفيق الذي قدم حصيلة مركزة لأداء مجلس جهة الشرق خلال هذه السنة، كما أحاط الكتابة الجهوية علما بجملة من الخروقات القانونية والتدبيرية للمكتب المسير لمجلس جهة الشرق وتجاوز اختصاصات المجلس في مجال إبرام “اتفاقيات شراكة وتعاون”.
وبعد نقاش سياسي مستفيض ثمن أعضاء الكتابة الجهوية المجهودات المبذولة من طرف ممثلي الحزب بالمجالس الترابية بجهة الشرق، و سجلت استياءها من أداء مكونات “أغلبية” المنبثقة عن مهزلة انتخابات 8 شتنبر 2022 وقلقها الكبير بخصوص أوضاع المجالس الترابية وخاصة أمام عجز المكاتب المسيرة لهذه المجالس عن إنجاز برنامج التنمية الجهوية بالنسبة لمجلس الجهة وكذا برامج العمل بالنسبة لباقي الجماعات الترابية في الآجال القانونية رغم إلزام القوانين التنظيمية لرؤساء المجالس الترابية بإعداد هذه البرامج المرجعية للتنمية المجالية في السنة الأولى من عمر المجالس. يعزى هذا الاخلال الفظيع بالمسؤولية الى العجز السياسي لمكونات 8 شتنبر وانشغالها وغرقها في الصراعات من أجل تقاسم التعويضات والسيارات وريع التفويضات وما شابه.
وفي هذا الإطار كذلك، رصدت الكتابة الجهوية بانزعاج بالغ مجريات تمرير مشاريع ميزانيات المجالس الترابية لسنة 2023 بمجموع تراب الجهة وخاصة ميزانية مجلس الجهة وكذا ميزانيات مجلس عمالة وجدة ومجالس الأقاليم الثمانية وميزانيات جماعات المدن الرئيسية بعمالة وأقاليم الجهة، بدون تداول يذكر مما ينتفي معه ركن أساسي من أركان التدبير الحر والديمقراطي للمجالس الترابية.
ومما طبع مشاريع ميزانيات 2023 تأكيد منحى السنة الفارطة وتعميقه: انعدام أي نقاش جدي في اللجان المختصة وفي اجتماعات المجالس الترابية وتحقيق إنجازات معكوسة قياسية تتجلى في التصويت بسرعة البرق على مشاريع هذه الميزانيات. ويكفي العودة الموثقة لمحاضر الدورات ليصاب المواطن بالذهول من فرط الاستخفاف والتلاعب بمصالحه. ويعكس التعاطي مع مقدرات المواطنين بهذه الطريقة المفجعة مدى استهتار مكونات 8 شتنبر بالمسؤولية، إذ تم مثلا “حسم” مشروع ميزانية التسيير لمجلس جهة الشرق والبالغة 767,3 مليون درهما في نقاش دام بضع دقائق (وهي حصة ممثل حزب العدالة والتنمية) ثم تصويت شكلي، وهو نفس ما تكرر تقريبا في عموم مجالس 8 شتنبر 2022 بالجهة.
وفيما يتعلق بمجلس جهة الشرق يتبين بتركيز شديد ما يلي:
-استمرار رئيس مجلس الجهة، كعادته في الولاية الفارطة في التوسع المفرط في نفقات التسيير في مشروع ميزانية 2023 والتي خصصت لها 263مليون درهما أي ما يناهز 34% من مداخيل التسيير وهو ما يشكل ضعف المتوسط الوطني لمجالس الجهات الذي لم يتعد 17% سنويا بين 2017و 2021، والأدهى أن رئيس المجلس يقترح في البرمجة الثلاثية المقبلة نفس التوسع المفرط أي استدامة نسبة 34% لسنتي 2024و 2025، والتدبير بالتبذير بلا حسيب ولا رقيب، وذلك على حساب التجهيز الذي يتضرر بتناقص دفعات الفوائض من الجزء الأول المتعلق بالتسيير إلى الجزء الثاني المخصص للتجهيز.
-إضعاف شديد لمخصصات التجهيز والتي خصص لها مبلغ 504,3 مليون درهما فقط (متضمنة ل 93,5مليون درهما لأداء أصل الدين 18,5%) أي نسبة 66% فقط من مجموع ميزانية التسيير، وهي نفس النسبة التي يقترحها كتوجه مفلس وخاطئ لسنتي 2024و2025، بينما متوسط المنجز الوطني لمجالس الجهات المخصص للتجهيز بين 2017و2021 هو 83%، مع الإشارة إلى ضحالة الإنجاز في مجال التجهيز –الضعيفة مخصصاته أصلا- والذي لم يبلغ كإنجاز 50% في فترة 2020 – 2021 وإلى حدود 31 شتنبر من 2022.
-ترسيخ التوجه نحو مزيد من الاستدانة حيث ستكلف خدمة الدين: فوائد وأداء أصل الدين برسم 2023: 150 مليون درهما تقريبا وسترتفع تكلفة هذه الخدمة إلى 160مليون درهما سنة 2025 (60 مليون درهما للفائدة و100مليون درهما لأصل الدين). وباقتراض 1مليار درهم مجددا والذي تمسك به رئيس المجلس منذ الولاية السابقة رغم تنبيه المعارضة له حينها من خطورة هذه الاستدانة على مستقبل الجهة ستنضاف حوالي 85 مليون درهما سنويا لتكلفة خدمة الدين على مدى 15سنة، ليشكل مجموع أصل الدين ساعتها ما يناهز 28% من الفائض السنوي المخصص للتجهيز. وبذلك سيرهن رئيس المجلس كل تدبير مستقبلي لمجلس الجهة حيث ستصبح الجهة أمام إكراه مالي حقيقي لأداء تكلفة باهظة لخدمة الدين تعيق الاستثمار على مدى طويل مستقبلا.
وللعلم فإن مجموع استدانة مجالس الجهات على المستوى الوطني بين 2017و2021 هو 7,52مليار درهما، وكان نصيب مجلس جهة الشرق منه هو 1,6مليار درهما أي بنسبة 21% من أصل 2,6مليار درهما كانت مقررة أي بنسبة كانت ستصل 35% في الحقيقة والتي كان يسعى إليها رئيس المجلس وحرص عليها لغاية في نفس يعقوب.
وقد تمكن من تمرير اقتراض هذا المليار درهم في دورة أكتوبر 2022، والذي لم يحصل عليه في الولاية السابقة لسبب وحيد هو ضعف نسب إنجازاته في التجهيز.
ولتقريب الصورة أكثر فإن مخصصات مجلس الجهة من مجموع مخصصات الدولة لمجالس الجهات تناهز 8%. فكيف لمن حجمه هو هذا ماليا أن يتولى “الصدارة” المقلوبة في “التمتع” بالتوسع في التسيير وكذا النزوع للاستدانة الكبيرة.
– هزال فضيع لنتائج مجلس الجهة بالمقارنة بين التزاماتها المالية وبين ما حققته فعلا في المساهمة في توفير الالتزامات المالية المنبثقة من الاتفاقيات المبرمجة مع الشركاء، وكأمثلة فقط نحيل على الضعف الشديد في مجالات:
• البنية التحتية وخاصة منشآت صرف المياه بالمسالك القروية مما يهدد ما قد يكون أنجز.
• التهيئة الحضرية وخاصة تأهيل مراكز الجماعات الترابية الضعيفة.
• المشاريع المندمجة المستعجلة في مجال الماء لمواجهة الخصاص في الماء على مستوى الحوض المائي لملوية.
• تنشيط الاستثمار وخلق فرص الشغل ودعم المقاولة والتعاونيات.
لذلك فإن الكتابة الجهوية:
1. تحمل مسؤولية استفحال الغلاء للحكومة وتواطؤها مع المتسببين فيه وخاصة قطاع المحروقات الذي راكم أرباحا خيالية بشهادة مجمل المؤسسات الدستورية ذات الصلة.
2. تدعو الجهات المختصة لتفعيل المراقبة المالية والتدقيق المالي والمحاسباتي لميزانيات الجهة كما ينص على ذلك القانون التنظيمي المتعلق بالجهات وتحمل مسؤولياتها كاملة قبل إغراق مجلس الجهة في مآزق لا تنتهي.
3. تطالب سلطات المراقبة بالقيام بالمتعين فيما يخص التأشير على قرارات الرئيس والمجلس احتراما لمقتضيات الحكامة والنجاعة والنزاهة.
4. تؤكد استمرارها في رصد الأوضاع على مستوى الجهة الشرقية بكل عزيمة ونزاهة وموضوعية وتدعو عموم المواطنين لمزيد من اليقظة والتعبئة والتعاون لمناهضة الفساد.