” قالو واش تفهم فالدين، قالوا كنزيد فيه” ، هذا ما ينطبق على المسمى المامون دريبي الذي يقدم نفسه كطبيب نفساني يفهم في كل شيء (الدين ، السياسة ، الإقتصاد ، التقلبات المناخية ، الحرب الروسية الأوكرانية .. ) وهذه من الطامات الكبرى التي ابتليت بها هذه البلاد السعيدة ، حيث يقدم ثلة من ” الخبراء” أنفسهم كمتخصصين في كل شيء ( الأمن ، الدفاع ، السياسات الإستراتيجية، التحديات الماكرو إقتصادية .. ) قاسمهم المشترك هو ترديد نفس الكلام ونفس الدفوعات “كوبي كولي” مع تغيير طفيف يمس فقط الشكل ( الظرف الزماني أو المكاني ) لا الجوهر .
المسمى دريبي الطبيب النفساني الذي أظهر بأنه في حاجة ماسة إلى جلسات استماع وإرشاد نفسي، اتهم في تصريحات لإحدى الإذاعات الخاصة ” ميد راديو”، المغاربة الذين عبروا عن غضبهم بطرق حضارية من ارتفاع الأسعار مطالبين برحيل رئيس الحكومة ، (اتهمهم ) بارتكاب جريمة الخيانة العظمى و متوعدا إياهم بأشد العقاب ، واصفا أخنوش وهذا هو الخطير “من فضلكم اربطوا حزام السلامة” بأنه : ” سليل الشجرة الشريفة المباركة ” .
يبدو أن هذا النكرة ومن يدور في فلكه يسعون إلى خلق بنية موازية أخرى ، فالمؤكد لدى المغاربة القائمة علاقتهم مع المؤسسة الملكية على أساس البيعة، أن العائلة الوحيدة التي لها نسب بأهل البيت هي العائلة الملكية الشريفة ، أما ادعاء الشرف والنسب المقدس لأخنوش ” مول البومبة” من طرف المسمى مامون الدريبي فهي ليست إلا محاولة للسطو على خطاب الشرعنة السلطاني وتحويله إلى أداة تنظيم وبحث يستطيع ” الخبراء ” المعلومين أن يستوعبوه ويتقلوه بسهولة نسبية لأنه يوافق بشكل عام توجهاتهم مما يسهل نشره بين عامة الناس من وعي أوغير وعي .
ولتحقيق هذا الغرض كان لا بد من إنتاج مثل هذه الخرجات التي تساءل ” الهاكا” ودورها ليس فقط في الزجر وإنما بالضرب بيد من حديد على انحرافات بعض الإذاعات الخاصة التي أهملت دورها في توعية المواطنين والدفاع عن مطالبهم المشروعة، وراحت توزع النسب الشريف على كل من هب ودب .
إن هذه الخرجة الغبية وغيرها ليس لها من هدف سوى محاصرة المواطن المغربي المغلوب على أمره، فإن هو انتقد حزب التجمع الوطني للأحرار سينعت بالخائن ، وإن هو طالب برحيل رئيس الحكومة بسبب موجة الغلاء الفاحش الذي أنهكت قدرته الشرائية ، فإنه يتم تهدديه بالعقاب وتحذيره من أنه يطالب برحيل ” الشريف ” ، والغريب أن هؤلاء يدعون زورا بأنهم يدافعون على الخيار الديمقراطي، ولكن يتناسون بأن المحاسبة هي اهم ركائز الديمقراطية الحقة، وأن ما تقوم به اليوم فئة عريضة من أبناء الشعب المغربي هو فقط تمرين ديمقراطي يندرج في إطار محاسبة رئيس الحكومة عن فشله في تدبير أزمة غلاء الأسعار التي أكتوت بها جيوبهم .