ردّا على هرطقات “بلاني” الجزائري “المكلف بالعداء للمغرب”، قصة “الأسد والذئب والثعلب”
عبدالقادر كتــرة
تراثنا العربي الأصيل، مليء بالأمثّال العربية الشهيرة، التي تناقلت عبر الأجيال، ولكل مثّل عربي قصة حدثت في الماضي، فمنها ما قيل في بيت شعري قديم، ومنها ما قيل مباشرة بسبب حدوث قصة ما، وانتشر المثّل وتناقلته الأجيال، نورد منها “قصة الأسد والثعلب والذئب بعد أن اشتركوا بالاصطياد سويا”:
“خرج الأسد والذئب والثعلب يوماً للصيد فاصطادوا بقرةً وغزالاً وأرنباً ..
فقال الأسد للذئب : كيف نقسم هذه الطرائد بيننا، فرد الذئب على الأسد .. لكلٍ منّا حصته على قدر حجم جسمه وكبّرها، فالبقرة لك .. والغزال لي .. والأرنب للثعلب.
غضب الأسد غضباً شديداً وضرب الذئب ضربةً قويةً فقأ بها عينه، ثم التفت إلى الثعلب وسأله قائلاً : وأنت أيها الثعلب الماكر كيف ترى أن تكون القسمة بيننا؟ ..
فرد عليه الثعلب قائلاً : أنت يا مولاي سيدنا ومليكنا وعليه تكون القسمة كالآتي: الأرنب فطورك والبقرة غدائك والغزال عشائك، فرد عليه الأسد متبسما وهو يقول: ونعم الرأي رأيك أيها الثعلب، ولكن قل لي أيها الثعلب أين وكيف تعلمت هذه القسمة العادلة والمحقّة ؟؟ فإن فيها عين الصواب والحكمة والمشورة، فرد الثعلب قائلاً : من عين الذئب التي فقأتها يا سيدي
نهاية القول من لا يتعلم من تجارب الآخرين سيخسر الكثير… لأنَّ التاريخ يعيد نفسه وتجارب جميع البشر متشابهة تقريبا.”
ومن الأمثال الأخرى المتشابهة المثّل العربي الشهير، من ادعى بما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان ، وقصة هذا المثّل كالآتي :
“يروى أنه في قديم الزمان، في سالف العصر والأوان ، مرّ رجلان في أجمة كثيرة من الأشجار ، فرأى أحدهما على الأرض آثار أقدام السِباع، فقال لرفيقه: أخشى أن يخرج علينا سبع فيقتلنا، وليس معنا سلاح ندافع به عن أنفسنا .
فقال له صاحبه الآخر: لا تخف ما دمت أنا معك، وأنت تعلم مبلغ شجاعتي وقوتي، وما كاد يتم كلامه حتى سمعا صوت دُبٍّ آتيًا، فترك ذلك المدعى المغرور بقوته رفيقه، وجرى نحو شجرة وصعد إلى قمتها هربًا من الدُّبّ، وأما الآخر فاستلقى على الأرض وكتم نفَسَه!.
فلما جاء الدُّبُّ دار حوله يشُمٌ بدنه فلم يجد فيه نفَسًا، فظن أنه ميت فتركه وانصرف، لأنه لا يأكل الميتة.
وبعد أن ذهب الدُّبُّ نزل ذلك المدعي عن الشجرة، وأقبل نحو رفيقه في شدة الخجل، وسأله عن سبيل المزاح ، عما قال له الدب في أذنه، فقال الرفيق الثاني له: هذا دب حكيم ، فلقد أخبرني أنه مادح نفسه كذاب لا يصدق ولا يعتمد عليه “.
الأمثال كثيرة ومتنوعة تنطبق على بعض المسؤولين الجزائريين المغرورين المصابين بمرض “جنون العظمة” والثرثرة والإسهال الكلامي واعتبار أنفسهم في بلد القوة الإقليمية والقوة العظمى وقوة المليون ونصف المليون طابور على جميع المواد الغذائية، رقم قياسي مُسجّل في كتاب “غينس” ومسجل كتراث جزائري في سِجّل الأوهام والأحلام والعُقدِ، هؤلاء لا يُفوِّتون أي فرصة بمناسبة وبلا مناسبة، بسبب وبدون سبب، للتَّهجُم على المملكة المغربية الشريفة الأصيلة الضاربة في أعماق التاريخ ومهاجمتها، الإمبراطورية العظمى ذات الحضارة والتاريخ المجيد، والتي وقفت في وجه الإمبراطوريات العالمية القوية، آخرها الإمبراطورية العثمانية التي داست على الجميع ووقفت عند حدود وجدة عاصمة الجهة الشرقية للمملكة الشريفة ولم تجرؤ على تجاوزها خطوة واحدة.
في خرجة غريبة قام المدعو عمار بلاني “المبعوث الخاص المكلف بالصحراء الغربية ودول المغرب العربي”، وهو بالمناسبة “مبعوث مكلف بالعداء للمغرب”، قام هذا الشخص “حداء” سيده الكابران شنقريحة قائد جيشه، بتهديد المغرب عبر تصريحاته البلهاء، قائلا: “أي امتداد محتمل للاعتداءات المغربية إلى الأراضي الجزائرية يعتبر ذريعة حرب”.
وحذر الأبله بلاني في تصريح لجريدة الشروق الجزائرية الناطقة باسم جنرالات ثكنة بن عكنون وكهنة معبد قصر المرادية بالجزائر، المغرب، من احتمال امتداد الأعمال الحربية المغربية إلى الأراضي الجزائرية، حيث وعد بأن كل الأعمال العدائية لن تمر دون نتائج.
وفي رده على سؤال حول خلفية هذه الاعتداءات المتكررة، ادعى السفيه الجزائري حمار بلاني بقوله: “إن “المخزن يسعى بكل الطرق إلى عرقلة التجارة بين الجزائر وموريتانيا، خاصة منذ زيارة الرئيس الموريتاني للجزائر وإبرام اتفاقية بين الحكومتين تتضمن إنجاز طريق يربط الجنوب الجزائري بمدينة زويرات الموريتانية (…) المغرب يهدف، إذن، إلى عرقلة وإجهاض التقارب الجزائري الموريتاني، لا سيما في مجال التجارة”، مواصلا هرطاقته، “أن الرباط تدرك جيدا أن تعزيز التجارة بين الجزائر وموريتانيا سيمنح للأخيرة مساحة أكبر فيما يتعلق بالمسألة الاستراتيجية المتمثلة في تنويع تدفقاتها التجارية”.
تحدث هذا المعتوه عن جزائره كما لو كانت مهد الحضارة ومنبع التقدم وأرض المنتوجات الفلاحية والصناعية والتجارية والاقتصادية مثل المملكة المغربية الشريفة التي تغذي موريتانيا وأوروبا وإفريقيا وغزت بلدان العالم في القارات الخمس (وليسأل الجاليات الجزائرية)، وهو يعلم أن بلده تستورد أكثر من 95 في المائة من حاجياتها ولا تنتج إلا الكراهية والحقد والغل والحسد، فماذا ستُسوِّق للشعب الجزائري وماذا ستصدر لبلدان إفريقيا وشعبها لا يجد شكارة حليب ولا كيلو سميد ولا حبة بطاطا… ، وما لم تفعله منذ 60 سنة أيام البحبوحة الغازية والبترولية هل تفعله اليوم والجزائر فقيرة ومحرومة وجائعة.
أهداف هذا التكالب الجزائري على المملكة المغربة الشريفة، تسويق خطاب الكراهية والحقد والحسد للشعب الجزائري المغلوب على أمره والذي فَقَد كلّ شيء حتى شرفه وكرامته بعد فقدان قوته اليومي، حيث تموت أسر كاملة بالجوع والحرمان، كما وقع لأسرة من أربعة أفراد (أمّ وثلاثة أطفال) من خنشلة الجزائرية، سنة 2018، نقلت إلى مصلحة الاستعجاليات وفي حالة مزرية جدا، بسبب الجوع وسوء التغذية، إذ لم يتذوقوا الطعام منذ ثلاثة أسابيع كاملة، كما نقلت، خلال أبريل الجاري، أسرة إلى المستشفى، أخرى تتكون 9 أفراد، 7 أطفال وأب وأم توفيت جوعا، بقرية “قنتيس” ولاية تبسة الجزائرية…
ادعاءات مغرضة للالتفاف على مطالب الشعب الجزائري الذي يقضي جلّ أوقاته من الفجر إلى غروب الشمس في طوابير لا متناهية بحثا عن شكارة حليب وقنينة زيت وكيش سميد وكيلو بطاطا ورجل دجاج أو سمكة واحدة أو 100 غرام من اللحم ولو كان لحم حمار، وكأس ماء وجرعة اكسيجين وعلبة دواء وقميص عيد لطفل او طفلة وكتاب مدرسي و…و…، في الوقت الذي ينعم الجنرالات العسكريون والمسؤولون الجزائريون وأسرهم وأولادهم في بحبوحة العيش بالقصور والفيلات وشُقق في أوروبا وكندا، من أموال عائدات البترول والغاز، وصرف ملايير الدولارات على مرتزقة بوليساريو (مع الإشارة إلى أن النظام العسكر الجزائري حوَّل هذا الشهر مليار و300 مليون دولار لحساب المرتزقة وأذنابهم بهدف التصعيد والعداء تجاه المغرب).
النظام العسكري الجزائري التوسعي الذي لا يزال يحلم بجزائر عظمى حدودها الخيالية على حدود المحيط الأطلسي وعزل المملكة المغربية عن محيطها… هذه هي خبايا ودوافع الاعتداءات والاغتيالات البشعة للمعارضين والحراكيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان الجزائريين والصحراويين المحتجزين الراغبين في العودة بلادهم الأم والموريتانيين المنقبين عن الذهب في شمال موريتانيا ودفع مسلحي بوليساريو للأعتداء على التراب المغربي، والتي لا يمكن مقارنتها إلا بأعمال إرهاب الدولة التي يرتكبها جنرالات ثكنة بن عكنون بجبن ضد هؤلاء المسالمين والمدنيين الأبرياء الذين لا يشكلون أي تهديد لقوات القمع الجزائرية.
على المبعوث “الشنقريحي المكلف بالعداء للمغرب” أن يتذكر ما فعلته القوات المسلحة الملكية المغربية بسيده قائد جيشه الشنقريحة يوم تمّ أسره في الصحراء المغربية ضمن عشرات الجنود الجزائريين، لمّا تجرأ رئيسه وسيده المقبور بوخروبة وتجاوز حدوده في الصحراء المغربية، وعليه أن يعي نُزْهة الجنود المغاربة في حرب 63 المعروفة بحرب الرمال وكانوا متجهون إلى العاصمة الجزائرية وصرخة المقبورين بوخربوبة وبوتفليقة “المراركة حكرونا”، وعليه أن يتذكر إبادة الجنود المغاربة الأشاوس لكتائب بوخروبة في حرب “أمغالا” بالصحراء المغربية، وعليه أن يسأل ابن بطوش الملقب بإبراهيم الرخيص، ماذا تفعل الطائرات المغربية المسيرة “درون” في الكلاب الضالة والجرذان والفئران المرتزقة التائهون في الصحراء المغربية، وهل يجدون قطعا من جثتهم التي شتَّتها وحوَّلتها إلى أشلاء متناثرة في رمال الصحراء…، وعليه أن تذكر أن المغرب يتكلم قليلا ويفعل كثيرا، والأسد عندما يغضب قد يُمزِّق فَمَ ووجه وجسد “الثُّعَيْلب” المصاب بالإسهال الخبيث بضربة مخالب، ويفضح المدعين المصابين بالثرثرة ويُجسِّد مقولة “ من ادعى بما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان”.
وفي الأخير نُذكِّر هؤلاء القوم الخبثاء فاقدو التاريخ وبدون هوية وبدون ماضي ولا حاضر، بما أشار له في مذكراته المارشال ليوطي الحاكم الفرنسي السابق للمستعمرة الفرنسية التي أطلق عليها اسم “الجزائر” وأُسست بمرسوم بعد اقتطاع أراضي من الدول المجاورة وإضافتها للأيالة العثمانية مدينة الجزائر التي هي العاصمة الحالية، وجعلت منها بلدا، مع الإشارة إلى أن عمر هذه البلاد لا تتجاوز ال60 سنة أقل من عمر كاتب هذا المقال والذي عتش في مدينته وجدة عشرات اللاجئين الجزائريين قبل الاستقلال، قائلا: “لقد أمضينا قرابة 80 سنة في الجزائر، وأكثر من 35 سنة في تونس، غير أننا حديثو العهد بالمغرب، ولم نطأ أرضه بالشكل الراسخ الملائم، أي أننا لم نتجاوز بعد 8 سنوات فيه، منها 4 سنوات بالنسبة للحماية.
لا مقارنة لنا بما قام به “الجنرال آمادAmade” في 1908، وما أردفه في الجزائر ما بين 1830 و1832. علاوة على ما سبق، فلا يمكن قياس الجزائر بنفس مقياس المغرب، فالأولى تلعب دور “المستعمرة” في حين الثانية لها دور “الحماية”، مسألة آداب ومقاييس ليس إلا. عند قدومنا إلى الجزائر، لم تكن هذه الأخيرة سوى قطعة أرض يعلوها التراب وقاحلة، والحياة قليلة فيها، تحكمها قوة وحيدة تتجلى فيما تبقى من “الدايات” الترك.
بالنسبة للمغرب، فقد كان الوضع مختلفا بدرجة واضحة، إذ واجهنا إمبراطورية لها تاريخها العظيم واستقلاليتها الواضحة، غيورة على حدود استقلالها ومنتفضة في وجه كلّ استعباد، مستعينة بكونها دولة ذات أسس قوية ومتينة، تحتكم إلى الملكية وخادميها، ناهيك عن حضورها الخارجي القوي، وأيضا إلى هيئاتها الاجتماعية القائم بعضها إلى غاية اليوم”.