في الجزائر فقط: نظام معلوماتي GPS لتتبّع مسار كيس حليب مثل أنظمة تتبع الطيور المهاجرة

في الجزائر فقط: نظام معلوماتي GPS لتتبّع مسار كيس حليب مثل أنظمة تتبع الطيور المهاجرة

عبدالقادر كتــرة

من الغرائب والعجائب للقضاء على الطوابير وفي خطوة غير مسبوقة في العالم وفي تاريخه، اهتدى النظام العسكري الجزائري إلى فكرة جهنمية وفريدة من نوعها جديرة بالدراسة في ألمع وأشهر وأكبر الجامعات العالمية، والتي تتمثل في استحداث نظام معلوماتي رقمي   غرار استعمال جهاز “جي بي إس GPS” المستعمل لرصد أي نقطة في العالم، لتتبّع مسار أكياس الحليب عبر التراب الجزائري، ورصد  هجرته وتحركاته وتنقلاته وتوقفاته وحتى سرقته أو “فراره”، وهي العملية التي استنفرت أربع وزارات…

هذه الخطة تذكر بما يقوم به العلماء والباحثون في علم الطيور  المهاجرة ومُراقبة تحركاتها وتنقلاتها أو “اورنثولوجيا” ( ornithology : هو علم من علوم الحيوانات ويتعلق الأمر بدراسة سلوكيات الطيور وتنوع أجناسها ووظائفها الحيوية حول بقاع العالم )…، حيث “كانوا في بداية الأمر يضعون العلامات والأرقام، وهي أقدم الطرق كانت الطريقة البدائية التي حاول الإنسان بها مراقبة الطيور المهاجرة هي وضع العلامات والأرقام على الأقدام، فكانوا يكتبون رقم أو نوع الطائر مع تاريخ لإطلاق، ثم يقومون بانتظاره في الجهة المقابلة لمعرفة المدة التي استغرقها، لكنهم في النهاية كانوا يكتشفون أن تلك العلامة قد اختفت، إما بدافع الهواء، أو حين تقوم الطيور بتغيير ريشها.

بعد ذلك قام العلماء بتحديث هذه الطريقة وجعل هذه العلامة تُنقش بمادة من الألومنيوم على قدم الطائر، بحيث لا تتمكن منه عوامل التعرية من طقس ورياح، وقد لاقت هذه الطريقة تعاونًا كبيرًا من جميع مكاتب مراقبة الطيور في العالم، حيث كان يتم التحقق من الرقم المدون على رقم الطائر وإرسال تقرير بالرحلة إلى مكتب المنطقة التي جاء منها.

وانتهى  الأمر باستخدام الأقمار الصناعية، وهي أحدث الطرق مع مرور الوقت وتطور المُعدات والتقنيات لجأ العلماء إلى حل أحدث وأسهل، وهو وضع جهاز أشبه بجهاز تتبع في جسم الطائر، يمكن من خلاله، وعن طريق الأقمار الصناعية، معرفة كل ما يتعلق بالرحلة التي قطعها الطائر، من حيث المدة وأماكن التوقف وزمن الوصول، كما يُمكن كذلك التعرف على مصير هذه الطيور في حالة فُقدانها، لأن توقف هذا الجهاز عن الإشعاع يعني موت الطائر، وهذه الطريقة بالرغم من تكلفتها العالية إلا أنها تظل أفضل الطرق المتداولة، والنتائج التي تصدر عنها تكون دقيقة إلى حدٍ كبير، وهذا بالطبع ما ينشده العلماء.

في الجزائر “القوة الضاربة” و”القوة الإقليمية” و”البلد القارة” و”البلد الكوكب” صاحبة “المليون ونصف طابور” و”المليون ونصف ذباب”، سبق لوزير التجارة الجزائري كمال رزيق  أن أعلن عن أن مصالحه على مستوى الوزارة قامت بإعداد نظام معلوماتي خاص بتتبع الحليب المدعم والمقنن سعره بـ25 دينار للكيس الواحد.

وقال رزيق في تغريدة له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “سبق ووعدتكم أن نظام معلوماتي يتتبع الحليب المدعم، سيكون بحوزتي خلال أسبوع.. الحمد الله تحقق ذلك والآن الوزارة تعرف مساره من “أ” إلى “ي”، وبدأنا الآن عملية التصحيح و اقتراح التعديلات والتصويبات والمنجل بدأ العمل سوف نعالج نهائيا هذه المشكلة و لن نجاريها كما وعدتكم”.

وسبق لهذا الوزير  الذي اعتبر أمام البرلمان الجزائري أن “ظاهرة الطوابير سلوك حضاري”، أن هدد  ما أسماها “مافيا الحليب”، مؤكدا بأنه سيعمل على محاسبة كل جهة تريد تحدي الدولة، سيما وأن الممارسات غير الشرعية توسعت وأنهكت المواطن البسيط.

استنفرت الحكومة أربع وزارات لإيجاد حلول مستعجلة لما بات يعرف بـ”أزمة الحليب”، وهي وزارة التجارة والصناعة والفلاحة إضافة لوزارة المالية، وبمشاركة من جميع المتدخلين في القطاع، الديوان الوطني للحليب وممثلي الموزعين والتجار وجمعيات حماية المستهلك.

وخرجت النقاشات بمجموعة قرارات استعجالية، أهمها إصدار تطبيق إلكتروني لتتبع مسار غبرة الحليب التي تصرف عليها الدولة 35 مليار دينار، مع ضبط قائمة الموزعين والملبنات.

هكذا سيتم تتبع ومراقبة مسار كيس الحليب “المهاجر” بجهاز “جي بي إس GPS“، من نقطة انطلاقه إلى نقطة وصوله، وكذا تحركاته وتوقفاته وسقوطه في أيدي المواطنين أو المحتكرين أو المهربين، وقد يتم رصد من شربه واستعمله من شخص أو من أفراد أسرة أو ربما حتى عدد الكؤوس وجرعات الحليب التي تمّ استهلاكها، وهي خطة “جهنمية” بهدف القضاء على الطوابير التي زادت طولا وعرضا منذ حلول شهر رمضان المبارك.

ولا زالت تشهد غالبية المدن والبلدات الجزائرية، حسب وسائل الإعلام الجزائرية بالإجماع،  طوابير منذ الصباح الباكر للحصول على بعض المواد التموينية، كالحليب والزيت، بسبب الندرة الكبيرة التي تشهدها الأسواق الجزائرية من هذه المواد، وإخفاق الحكومة الجزائرية في توفيرها، خاصة في شهر رمضان الذي تشهد فيه الأسواق ارتفاعا كبيرا للأسعار الخضروات واللحوم البيضاء والحمراء  والبيض والأسماك والخضر والفواكه الطرية والجافة

وبسبب التزاحم في الطوابير والمناوشات تصل إلى حدّ التشابك بالأبدي وحتى استعمال السلاح الأبيض بين المواطنين المغلوبين على أمرهم، اضطرت السلطات إلى الاستعانة بفرق الأمن لتنظيم عمليات بيع الزيت والحليب في بعض مراكز ونقاط البيع التي فتحتها بعض المؤسسات التجارية الحكومية التي بادرت إلى البيع المباشر لهذه المواد للمواطنين.

وخلفت ضحايا مواطنين جزائريين في طابور لِشِراء شكارة الحليب، السبت 2 أبريل 2022، حيث أصيب سبعة أشخاص تراوح  أعمارهم ما بين الـ40 والـ55 سنة، بجروح متفاوتة الخطورة، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الجزائري، اثنان منهم وصف الطاقم الطبي، بالمستشفى الجديد، الشاذلي بن جديد بششار بالجزائر، حالتهما بالحرجة، استدعت التكفل الطبي بهما، وهذا بعد مشادة عنيفة، بين مجموعة من المواطنين، كانوا ضمن طابور خاص بشراء حليب الأكياس بأحد المحلات التجارية، بوسط مدينة ششار، جنوب ولاية خنشلة، وقد تدخلت مصالح الأمن، على الفور وتم تفريق المتشاجرين ونقل الجرحى إلى المصحات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *