بعد الإقصاء، الجزائر َتجْلِد العالم: اللاعبين والمدرّب والحُكّام و”الفار” و”الفاف” و”فيفا” و”المخزن”
عبدالقادر كتــرة
فشل المنتخب الجزائري في التأهل إلى كأس العالم 2022 بعد سقوطه في الدور الفاصل أمام نظيره الكاميروني بمجموع المباراتين، بعد أن فاز “ثعالب الصحراء” ذهابا بدوالا بنتيجة هدف دون رددّ قبل أن يخسروا إيابا بنتيجة هدفين لهدف، وبطريقة دراماتيكية بعد أن تلقت شباك حارس المرمى الجزائري “مبولحي” الهدف الثاني قبل حوالي 15 ثانية من نهاية الوقت البديل للوقت الإضافي، وبعد دقيقتين فقط من هدف التعادل لأشبال بلماضي.
وشكّل خروج “محاربي الصحراء” من سباق التأهل إلى كأس العالم صدمة للجزائريين الذين كانوا يعلقون آمالا كبيرة من أجل التواجد للمرة الخامسة في كأس العالم المقبلة بقطر، واستدراك الإخفاق الأخير في كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، لكن كل تلك الآمال سقطت أمام واقعية الكاميرونيين، ولم يستطع النظام العسكري الجزائري والجماهير الجزائري الرياضية ولا شعب بومدين الحلوف، هضم الخسارتين ، خاصة الإقصاء من المشاركة في مونديال قطر، ورفضوا قبول واقع الخسارة في منافسات كرة القدم، والتي فيها رابح وخاسر….
وفي غياب تحليل عقلاني ومنطقي، لم يجد الجزائريون المصدومون إلى البحث عن مشجب يعلقون عليه الإخفاق، وشرعوا في التحليل والتحريم ونسج أوهام وخيال وترويج الأكاذيب واتهام هذا وذاك، إلى أن وصولا جلْد العالم كلّه، بدءا بحكام اللقاء و”الفار” واللاعبين والمدرب ورئيس اتحادية الجزائر لكرة القدم ثم الاتحادية الأفريقية لكرة القدم والاتحادية الدولية لكرة القدم، دون نسيان “المخزن” المغربي، مع ترويج خبر إعادة المباراة مما أثار سخرية وضحك و “تقشاب” العالم.
شنّ الجمهور الرياضي الجزائري، حملة شرسة على الحكم الغامبي “باكاري غاساما”، الذي أدار مباراة المنتخب الوطني ضد نظيره الكاميروني محملينه بالدرجة الأولى مسؤولية الإقصاء وعدم التأهل إلى نهائيات كأس العالم في قطر.
وتصدرت صور الحكم “غاساما” مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفنن أنصار “الخضر” في نعته بجميع الأوصاف، بسبب ما وصفوه ب”الطريقة الخبيثة” التي أدار بها المباراة ومساهمته بقراراته المشكوك فيها في عودة المنتخب الكاميروني من الجزائر بتأشيرة التأهل، متهمينه بتلقي رشوة من الفريق الخصم..
بالمناسبة سبق للنظام العسكري الجزائري الحقود والحسود، عبر قنوات صرفه الصحي، أن اتهم في تصريحات غبية وبليدة رئيس الجامعة الملكية المغربية بالتخطيط والحكم المغربي عضو لجنة التحكيم في الكاف، في “الكواليس” وعلى مستوى دواليب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، لإقصاء المنتخب الجزائري من التأهل إلى بطولة كأس العالم المقررة في الفترة من 2 نونبر إلى 18 دجنبر 2022 بقطر.
وحسب ما روجته جريدة “الشروق” الناطقة باسم النظام العسكري الجزائري، “فإن تعيين الحكمين البوتسواني جوشوا بوندو والغامبي باكاري غاساما، لإدارة مواجهتي الجزائر أمام الكاميرون ذهابا وإيابا على التوالي، من قبل لجنة التحكيم التابعة لـ”الكاف”، لم يكن بريئا على الإطلاق، خاصة فيما يتعلق بحكم مباراة الذهاب، المثير للجدل “بوندو” الذي كاد أن يتسبب في خسارة المنتخب الوطني خلال مباراته أمام بوركينافاسو ضمن فعاليات الجولة الثانية من دور المجموعات لتصفيات كأس العالم، والتي احتضنها ملعب مراكش بالمغرب“.
واتهمت جريدة المراحيض في مقالها الغريب المثير للسخرية والضحك، عضو لجنة التحكيم بـ”الكاف” المغربي “يحيى حدقة”، المسؤول الأول في لجنة التحكيم بالجامعة المغربية، رفقة رئيس الجامعة فوزي لقجع، بمسؤوليتهما في محاولة “التشويش” على كتيبة “المحاربين”، من خلال هذا اختيار “بوندو” الحكم المثير للجدل، لإدارة مباراة الكاميرون والجزائر، بالموازاة مع ذلك تم تعيين الحكم الجنوب إفريقي فيكتور غوميز المشهود له بكفاءته لإدارة مباراة المغرب والكونغو الديمقراطية بملعب الأخير، بهدف حماية “أسود الأطلس”، ما يسهل من مهمتهم فوق أرضية الميدان، بهدف العودة بنتيجة إيجابية تسمح لهم بلعب لقاء العودة بأريحية لبلوغ “المونديال”، ناهيك عن تحركات الكاميرونيين وضغطهم المتواصل على “الكاف” منذ ترأس النجم السابق لبرشلونة الاسباني صامويل إيتو، الاتحاد الكاميروني لكرة القدم“.
وانتقلت الاتهامات إلى حكام “الفار” اعتمادا على تصريحات الألماني “جوشكا بارغر”، وكيل لاعبين والصحفي المختص في نقل بيانات كرة القدم الجزائرية على موقع “ترانسفير ماركت” العالمي، الذي “أشار إلى حدوث خطأ تقني على مستوى تقنية الفيديو المساعد “الفار”، منعت الحكم “بكاري غاساما” من الاستعانة بها في لقطة الهدف الأول لمنتخب “الأسود غير المروضة”.
وكتب “بارغر” عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “بعض المصادر أكدت لي بأن الحكام لم يعيدوا مشاهدة اللقطة بسبب حدوث خلل تقني، وعدم توفر الإعادة بتقنية العرض البطيء”. وأضاف: “الحكم “باكاري غاساما” هو الآخر لم يجد داعيا للعودة للفيديو، وقرر احتساب الهدف مباشرة من دون اللجوء للفار”. وأوضح في تغريدة أخرى قائلا: “إذا تبين أن هذا صحيح، فمن الضروري للغاية أن تقدم الفدرالية الجزائرية استئنافا!“.
بعد الحكم و”الفار”، شرعت الألسن الحادة في صبّ جام غضبها على المدرب بلماضي الذي كانوا يعبدونه، فاتهموه : “من الأسباب الرئيسة التي تقف وراء إخفاقي المنتخب الوطني في منافستين كبيرتين على التوالي، هو إصرار جمال بلماضي على الاعتماد على نفس الأسماء والتعداد منذ كأس أمم إفريقيا للأمم 2019 بمصر، خاصة ما تعلق بالتشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني التي باتت معروفة للجزائريين والمنافسين على حد سواء، وأصبح العديد من اللاعبين مطمئنين على مناصبهم مهما حصل، بحجة عدم تغيير التشكيلة التي تفوز، وهو ما أثر على مستويات العديد منهم، في صورة يوسف بلايلي وجمال بلعمري ورامز زروقي “.
لم يسلم اللاعبون من تحميلهم مسؤولة الخسارة وعلى رأسهم نجم نادي مانشستر سيتي الإنجليزي الجزائري رياض محرز، الذي كانوا يعتبرونه أيقونة كرة القدم الجزائرية والعالمية ويتتبعون خطواته وحركاته وسكناته ويدونون كلماته لخطيبته ويتسابقون على نشرها، ويتبركون بقدومه ويفزعون لغيابه، قبل أن يصفونه ب”نجم من كارتون”.
قالوا عنه “مرة أخرى، تفاجأ المتتبعون للمستوى المتواضع جدا الذي قدّمه نجم المنتخب الوطني الأول، رياض محرز، الذي لم يقدم ما كان منتظرا منه في مباراة فاصلة ومصيرية على غرار مباراة الثلاثاء، أمام الكاميرون مؤهلة إلى نهائيات كأس العالم”.
وزادوا قائلين “بالنظر للآمال التي كانت معلقة عليه لتجاوز عقبة الكاميرون والتأهل إلى المونديال، لم يقدم النجم الأول لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي هذا الموسم الإضافة ولمسته السحرية المعتادة، كأفضل لاعب في صفوف المنتخب الوطني أو كقائد فوق الميدان، وكان في مباراة الكاميرون، ذهابا وإيابا، ظلا لنفسه، وكل محاولاته كانت محتشمة ولم ترق إلى المستوى المطلوب، وهذا مقارنة بما يصنعه قرناؤه من نجوم العالم مع منتخبات بلدانهم.“
ولم يسلم شرف الدين رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم من الانتقادات الحاقدة والانتقامية واضطر إلى تقديم استقالته من منصبه، في مؤتمر صحفي نشّطه عمارة بِقاعة المحاضرات التابعة لِمقرّ “الفاف”، بِدالي إبراهيم بِالعاصمة، وسينوب محمد معوش (86 سنة) في منصبه، ريثما تُجرى جمعية عامة انتخابية لاحقا، تُسفر عن تعيين رئيس جديد للاتحاد الجزائري لِكرة القدم.
وكانت الصدمة أقوى، عندما صرح “جياني أنفونتينو” رئيس الفيفا بأن لا علم له بطلب الاتحادية الجزائرية بإعادة المباراة وقال: “الجزائر لعبت مباراة جيّدة. للأسف، هذه هي رياضة كرة القدم. إنها منافسة قاسية”، وبعد أن أدرجت “الفيفا”، مساء الجمعة 2 أبريل 2022، منتخب الكاميرون ضمن قائمة الفرق المُشاركة في نهائيات كأس العالم 2022، وسيلعب في فوج يضمّ البرازيل وصربيا وسويسرا.
وبعد أن تبخرت الأوهام وتبددت الأحلام بقي الاتهام : “عوّدت “الفيفا” مُتابعي اللّعبة الأكثر شعبية في العالم، على أنها تحمي الحكام وتُدافع عنهم بِشراسة. لأن قبولها بِإعادة المباراة، يعني أن الاتحاد الدولي لِكرة القدم وجهازه التحكيمي غارقان حتّى الأذنَين في وحل الفساد، ولو أن رائحة فساد هذه الهيئة تزكم الأنوف، ولا تحتاج إلى دليل.”