نفاق الغرب.. تداخل غير مبرر للسياسة و الثقافة والرياضة

كشفت الحرب الروسية الأوكرانية حقيقة المنحى الذي تقوده بعض الدول مستغلة مواقع التأثير من إعلام ومؤسسات دولية ومنصات تواصل إجتماعي ، وعرت وجوه بعض المنادين والمدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحقيقة أننا أمام تجار السياسة الذين يستغلون كل المآسي لإراقة الدماء والترويج للعنف والقتل والدمار.
ما ميزنا نحن المغاربة عن العديد من دول العالم أن تأثير الحرب على المجال المغربي هو تأثير اقتصادي ولم يتعداه إلى البعد السياسي ، ويرجع الفضل في هذا إلى ديبلوماسية الملك محمد السادس التي تتميز بالحكمة و بعد النظر ونبذ الفرقة وتسوية الخلافات وديا و تمحيص ما وراء العلاقات الديبلوماسية ودوافعها وخلفاياتها التي غالبا ما تكون بدوافع مصلحية فيما مطالب الديمقراطية وحقوق الإنسان مجرد شعارات للإستهلاك.
هكذا تداخلت السياسة مع الثقافة والرياضة ولم يعد هناك مجال لكونية الإنسان وحقه في التنوع واحترام خصوصياتيه، فما معنى معاقبة رجل أعمال أو رياضي أو منتج سينمائي لأنه فقط ينتمي إلى هذه الدولة أو تلك ؟؟ أو حذف حساب فيسبوكي لنائبة أوربية فقط لأنها صوتت ضد فرض عقوبات على روسيا ؟
لقد أبانت الحرب الروسية الاوكرانية هيمنت كل ما هو سياسي على ما هو ثقافي أو رياضي ، وأن السياسة والمصلحة تطغيان على كل شيء وهما الخلفية الحقيقية لكل المؤسسات والهيئات الدولية ، وأن الحرب حرب مصالح بالدرجة الأولى ” من ليس معنا فهو ضدنا” حسب تعبير بوش الإبن ، فلماذا كل هذا النفاق على المستوى الدولي حيث تصير كل المجالات سجينة أهواء مصلحية لجهات معينة و تزيد من إشعال الفتن بين الشعوب والهدف إشعال الحروب لتحقيق ما لم يستطيع تحقيقه زمن السلم ؟؟
هكذا غاب مجلس الأمن وغابت محكمة العدل الدولية ومعها غابت هيئات حقوق الإنسان بل تم تغييب كل هيئات المنتظم الدولي التي كنا نعقد عليها آمال الدفاع عن الحرية والديمقراطية والسلم والأمن، غياب تحولت معه منصات التواصل الاجتماعي كفايسبوك التي ظاهرها الدفاع على حرية التعبير إلى منصات للتحريض على العنف والقتل ..
لقد تبين اليوم أن فئة قليلة والتي ترسم السياسة الدولية تجر العالم إلى مستنقع الدمار كلما تعارضت مصالحها ولا يهمها سوى الاستفراد بالأنظمة السياسية والدول وجعلها عبيدة قراراتها ومخططاتها، وبالتالي ما ذنب الشعوب والأمم التي وجدت نفسها وسط هذه الصراعات التي تقودها شركات كبرى وأسماء محددة تتنازع حول الريادة.
هكذا صرنا نسمع عن مقاطعة أديب وباحث، وصرنا أمام إغلاق كلي لبعض المعاهد لأنها فقط تنتمي لهذا المعسكر لا ذاك، و صرنا سجناء الفايسبوك حيث أصبح يغذي نزعات رفض الآخر وقتله وابادته (و بالمناسبة نقترح عليه إضافة خدمة جديدة تعنى بالتحريض على العنف والقتل) ، وأصبحنا أدوات تستعمل في تصفية حسابات بين الكبار والضحية هو الإنسانية ككل في زمن صار فيه الإنسان سلعة معروضة للبيع .
المصدر : بلادي أون لاين