الصحراء المغربية بين الموقف الأمريكي الصريح والمراوغة الإسبانية الفرنسية

الصحراء المغربية بين الموقف الأمريكي الصريح والمراوغة الإسبانية الفرنسية

عبد الحق هقة

كما هو معلوم فمن المقرر أن يعقد مجلس الأمن جلسة مغلقة عبر تقنية  “فيديو كونفرنس” بسبب استمرار تداعيات جائحة “كورونا” ، حول النزاع المفتعل في الصحراء المغربية في 21  ابريل الجاري ، هذا النزاع الذي امتد لأكثر من أربع عقود متسببا في ضياع المجهودات و إهدار الوقت والموارد المالية التي لو استغلت في تنمية وتقوية اتحاد المغرب الكبير لعادت بالنفع  الكثير على  اقتصادات شعوب المنطقة  .

الاجتماع القادم لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية  هو  أول لقاء بعد الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه ، حيث أبلغت واشنطن على عهد الرئيس دونالد ترامب  مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، عبر السفيرة الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت أرسميا، بفحوى الإعلان الصادر عن الرئيس دونالد ترامب، الذي يعترف بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على صحرائها.

الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء اعتبر من طرف العديد من الخبراء والمحللين بمثابة مؤشر جد إيجابي ، له ما بعده بالنسبة لقضية الصحراء المغربية ، بالنظر إلى دور ومكانة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي وعلى مستوى مجلس الأمن، كما أنه  يأتي في سياقٍ يتعاظم فيه الوعي الدولي بعدالة القضية الوطنية المغربية، وبالمخاطر والتهديدات الإقليمية والدولية التي تشكلها الأطروحات الانفصالية، وكذا  تزايد عدد البلدان الداعمة للموقف المغربي تجاه الملف.

وفي الوقت الذي عبرت فيه الولايات المتحدة عن موقف صريح  باعترافها بمغربية الصحراء تمهيدا لطي هذا النزاع المفتعل بشأنها، نسجل ” تقاعسا فرنسيا و إسبانيا” بحكم أنهما  تجمعهما علاقات إستراتيجية بالمملكة المغربية، ناهيك عن امتلاكهما للعناصر التاريخية التي تؤكد مغربية الصحراء ، في الإعلان عن موقف موضوعي  بشأن دعمهما لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

هذا التقاعس الفرنسي الإسباني ليس له من مبرر  سوى وجود أطرف استفادت وتستفيد من استمرار هذا الصراع المفتعل ، وبالتالي فهي تبحث عن ما يمكن أن تعوض به هذه الاستفادة في حالة فقدانها و لو بابتزاز المغرب  .

فالمنطق السليم يقتضي أن تنخرط كل من فرنسا واسبانيا خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، في هذا المجهود الدولي من اجل وضع حد لهذا الصراع المفتعل ، للإنكباب على ما هو أهم بالنسبة  لتنمية شعوب المنطقة وعلى رأسها تقوية صرح اتحاد المغرب العربي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول هذا الأخير ودول جنوب المتوسط .

هي دعوة إذن لمراكز القرار في كل  من باريس ومدريد (لا سيما وأن فرنسا تعد من الأعضاء المؤسسين للأمم المتحدة وهي بلد دائم العضوية في مجلس الأمن كما أن إسبانيا تعد عضوا في مجموعة أصدقاء الصحراء المغربية والتي تتكون من أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمين زائد إسبانيا باعتبارها البلد الذي كان يستعمر المنطقة) ، من أجل التخلي عن أسلوب المراوغة والتحلي بروح المسؤولية في تبني موقف موضوعي وصريح  لفائدة ملف الصحراء الذي يعد أهم ملف استراتيجي بالنسبة للمغرب ، وبالتالي ترجمة  عمق العلاقات الإستراتجية والثقافية والتاريخية التي تجمعهما بالمملكة المغربية عبر أفعال وقرارات صريحة وليس بمجرد أقوال وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *