هل تسعى القوى العظمى إلى فرض نطام ” حماية” جديد ؟

هل تسعى القوى العظمى إلى فرض نطام ” حماية” جديد ؟

عبد الحق هقة 

في بداية القرن الماضي فرضت القوى العظمى نظام الحماية على العديد من دول العالم الثالث بمسوغ  إعادة تقويمها وإنهاء عهد “السيبة “، فيما الأهداف غير المعلنة من هكذا نظام كانت هي  إستغلال ثروات هذه الدول  وموقعها الاستراتيجي والجغرافي .

اليوم وفي خضم التحولات العميقة التي يعرفها العالم  وهو ما تطرقنا له بالتفصيل في مقالات سابقة ، تطرح تصريحات بعض رؤساء الدول وكذا بعض الاتفاقيات الموقعة بين هذا الطرف وذاك العديد من التساؤلات ؟ فهل الأمر مجرد تصريحات عابرة  واتفاقات ثنائية هدفها التعاون وتبادل الخبرات والتجارب ؟  أم أنه تمهيد لفرض نظام ” حماية ” جديد أساسه  وضع اليد على كل القطاعات الحيوية والاسترتيجية للدول (موانئ مطارات ، محطات الطاقة، التسلح ، الجيش  ..  ) متجاوزا بذلك المفهوم الكلاسيكي لنظام الحماية  المبني على التدخل العسكري ؟؟

مناسبة هذا الكلام هو تعليق الرئيس الأمريكي جو بايدن على حادث قناة السويس، حيث أكد على أن الإدارة الأمريكية تراقب الوضع في القناة ، مضيفا بأن  لدى الولايات المتحدة من المعدات والقدرات التي لا تملكها معظم دول العالم لإنهاء أزمة السفينة العالقة فيها .

لا نظن أن حادثا عاديا مثل الذي وقع في قناة السويس والذي قد يؤثر فقط على 10 بالمائة من إجمالي نشاط مناولة الحاويات عالميا ، يستدعي تعليقا رسميا من رئيس أقوى دولة في العالم ، وحتى إن وجب فيكفي تصريفه عبر  القنوات الديبلوماسية  المعهودة ،  هذا من جهة ،  ومن جهة أخرى ألا يعد تصريح الرئيس الأمريكي إعلانا صريحا بفشل وعجز السلطات المصرية في السهر على تأمين قناة السويس وبالتالي إدراجها في خانة ” الدول الفاشلة” كليبيا وسوريا والعراق ودول أخرى في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية ، خاصة وأن حادث قناة السويس  تزامن مع حادثين مأساويين آخرين يزكيان هذا العجز المصري،  ويتعلق الأمر بحادث اصطدام قطارين وحادث انهيار عمارة قرب حسر السويس،  واللذان خلفا  مقتل وإصابة العشرات من الأشخاص ، وإذا أضفنا إلى ما سبق ،  ما يجب على مصر تسديده  من ديون ضخمة،  فيمكن الجزم  بأن أرض  الكنانة ستصبح لقمة سائغة لما اعتبره الرئيس جو بايدن بأن الولايات المتحدة  لها معدات وقدرات لا تملكها معظم دول العالم لإنهاء أزمة قناة السويس .

اتفاقية أخرى أسالت الكثير من المداد والتي لا يمكن وصفها إلا بصفقة ” شراء الأرض” ، و التي وقعتها كل من الصين وإيران و بموجبها سيستثمر التنين الصيني 400 مليار دولار في عدد من المجالات في إيران بما في ذلك الموانئ والسكك الحديدية والرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات لمدة 25 عاما قادمة ، كما ستحصل الصين بموجب هذه الصفقة على إمدادات نفطية مخفضة للغاية وبشكل منتظم ، علما بأن نفس الشيء فعلته الصين مع العراق حيث تم رهن النفط العراقي لمدة 50 سنة مقابل استثمارات صينية تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار .

إنه التغلغل الصيني في الشرق الأوسط الذي يثير حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا شك بأن التنافس المحموم بين القوى العظمى بصفة عامة  بشأن التحكم في المنافذ الإستراتيجية ( قناة السويس، هرمز ومضيق باب المندب) أصبح مسوغا يسمح لها بفرض نظام ” حماية ” جديد وذلك بالتحكم في كل ما هو إستراتيجي وحيوي لدى ” الدول الفاشلة “.

ملحوظة : تقاطرت علينا  العديد من ردود الفعل من قراءنا العرب من مختلف دول العالم ،و المؤيدة لما جاء في مقالنا السابق المعنون ب ” هل تتحول الجزائر إلى تندوف كبيرة ؟ ” معتبرة بأن وصف الجزائر بجمهورية تندوف يجد مسوغه في أن الطغمة العسكرية الحاكمة تولدت لديها قناعة راسخة  بأن قبضتها الحديدية على المحتجزين في مخيمات تندوف لا بد وأن تطال الشعب الجزائري الشقيق المقهور،  وبالتالي محاصرته وإحتجازه هو أيضا ، لذلك أصبح لزاما حسب ذات الردود إطلاق نداء إنساني دولي عاجل لتحرير ساكنة جمهورية تندوف ( الجزائر سابقا) من يد العصابة الحاكمة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *