وكشف تقرير مُؤشر هدر الأغذية في المغرب لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمُنظّمة الشريكة “WARAP”، أن 3.3 مليون طن من المواد الغذائية في المغرب لم تُتح الاستفادة منها، وانتهى بها المطاف في القمامة في 2019.
وتابع التقرير نفسه، أن حصّة الفرد المغربي من إهدار الطّعام سنويا تصل إلى 91 في المائة، وأن ما يقارب 90 في المائة من الأسر المغربية تقوم بإهدار الأطعمة، لا سيما في شهر رمضان، إذ تشتري كمّيات كبيرة لا تستهلك منها سوى القليل.
رمضان ذروة التّبذير
في هذا السياق، أفادت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك وهي منظم ة غير حكومية، في بيان، أن شهر رمضان “يعرف ذروة تبذير الطّعام برمي الثُّلث من المواد الغذائية الصالحة للاستهلاك، والتي تصل قيمتها المالية في المتوسط إلى 500 درهم ( 50 دولار) شهريا لنحو 41 في المئة من الأسر”.
وتعتبر الهيئة، التي تشغل في إطار حماية المستهلك وتحسيسه، أن سلوك تبذير الطّعام أو هدره “يتنافى مع حُسن التّدبير في الاقتصاد الوطني”، لذلك تعمل هذه الهيئة غير حكومية ومثيلاتها على توعية المستهلك المغربي بالتدبير الجيد لاستهلاك الطعام أو الغذاء.
ويرى بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن “الثقافة الاستهلاكية لها دور أساسي في تفعيل أي سياسة للتقليص من تبذير المواد الغذائية”.
وأوضح الخراطي، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن المستهلك الذي يُعدّ المتدخل الأخير في السلسلة الاستهلاكية، “يلعب دورا مهما إذا كان واعيا بأن هدر المواد الغذائية يؤدي إلى تبذير أمواله”.
لذلك، “وجب على المجتمع المدني المعني بحماية المستهلك بتوجيهاته، أن يُقلصّ من العادات والتقاليد السيئة والمسببة للمستهلك بأضرار مالية”، بحسب رئيس “الجامعة المغربية لحقوق المستهلك”.
هدرٌ مكلف للاقتصاد
ويعتبر المُتخصّصون في الاقتصاد، أن هدر الغذاء لا يُكلف جيوب المواطنين فقط، بل يتعداها إلى “الإضرار بالاقتصاد الوطني باعتباره سلوكا يتعارض مع مبادئ الإدارة الرّشيدة للمنتجات الغذائية، بحسب جواد بادح، الباحث في علم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والتدبير التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنطيرة (غرب).
كما أكد الباحث في علم الاقتصاد، في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “شراء كميات من الأطعمة تفوق احتياجات عدد أفراد الأسرة الواحدة، له تداعيات وخيمة على الأمن الغذائي للبلاد”.
وأشار جواد بادح، أن “الإحصائيات الرسمية تفيد بأن الأسرة المغربية تنفق خلال شهر رمضان ما يعادل ميزانية ثلاثة أشهر”.
بدوره، يؤكد بوعزة الخراطي، رئيس “الجامعة المغربية لحقوق المستهلك”، أن “تكلفة تبذير المواد الغذائية تكون عالية، وتؤثّر سلبا على التوازن الاقتصادي”.
وكشف رئيس “الجامعة المغربية لحقوق المستهلك”، أن “نسبة كبيرة من هده المواد التي تستوردها الدولة بالعملة الصعبة تُرمى في الأخير في القمامة”، موضحا أن “الشاي والقهوة التي يستوردهما المغرب من أكثر المواد هدرا”.
التدخلات الممكنة
وتُرفع عادة قبل شهر رمضان، مطالب بتدخّلات ممكنة للحدّ من هدر الأغذية في المغرب، وذلك من خلال “رفع الوعي بشأن كمية المواد الغذائية التي يتم التخلص منها يوميا، والتوعية بذلك لدى جميع شرائح المجتمع وكذلك المساعدة على وضع حلول للحدّ من هدر الغذاء”، بحسب عادل العربي، الصحافي المتخصص في المجال الزراعي ومنسق حملة إعلامية سابقة أطلق عليها اسم “كفى من إهدار الطعام”.
وأبرز عادل العربي، في اتصال بموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هذه الحملة، التي ستُطلق من جديد، “تسعى إلى معالجة جانب مهمّ من الأمن الغذائي في المغرب بسبب الإهمال الكبير لهذا الجانب، من خلال التوعية بشراكة مع مُتدخلين آخرين إلى جانب تقديم مشروع وطني لتدبير النفايات الغذائية”.
وأضاف الصحافي المختص في المجال الزراعي، أن “هناك ارتفاعا بالفعل في مستويات المعيشة والاستهلاك المفرط، ما جعل أفراد المجتمع أكثر إسرافا وهدرا للغذاء في تناقض صارخ مع المبادئ الأساسية للاستدامة”.
وكانت وزارة الفلاحة في المغرب، أطلقت قبل ست سنوات مشروع إعداد استراتيجية وطنية ومخطّط عمل لتقليص فقد الأغذية وهدرها بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.
وبهذا الخصوص، أفاد بوعزة الخراطي، رئيس “الجامعة المغربية لحقوق المستهلك”، أن الوزارة “في برنامجها لم تهتم بالمستهلك وبالموَزّع واكتفت بالمُنتج، لذلك لم تصلنا إلى حد الآن لنتائج المشروع”.
وقال الخراطي “كيفما كانت الاستراتيجية، يجب أن تكون متكاملة من الحقل الى المائدة”، مشددا على أن “نجاح الاستراتيجية رهين بمقاربة تشاركية”.
المصدر: سكاي نيوز عربية