شابان يفضحان التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في سجون “بوليساريو” بتندوف بالجزائر
عبدالقادر كتــرة
حصلت قناة ميدي1 تيفي حصريا، من داخل سجن الذهيبية التابع لجبهة “بوليساريو” الانفصالية، في تندوف بجنوب غرب الجزائر، على تسجيلات بالصوت والصورة، توثق لشابين تمكنا من تسريب تسجيلات لهما من داخل هذا السجن، المعروف دوليا بجرائم حقوق الانسان التي تقع داخله.
ودعا المحتجزان، على لسان عدد كبير آخر من المحتجزين، المنظمات الحقوقية إلى التدخل بشكل جدي وعملي لوضع حد لخروقات حقوق الإنسان في هذا السجن، مؤكدين أن الأحكام القضائية التي تطالهم، لها بعض الأحيان طابع قبلي، عوض أن تكون بالأدلة والقرائن.
ويتعرض سجناء سجن “الذهيبية” لجلسات تعذيب، أدت إلى إصابات عدد منهم بعاهات وإصابات خطيرة، حسب شهادتي الشابين اللتين رسمتا صورة قاتمة للوضع الحقوقي المتردي ، وللجرائم التي ترتكب داخل سجن “الذهيبية”.
شهادتان تنضافان إلى اعترافات قادة من “بوليساريو” بارتكاب هذه الجرائم وهي أهم الأدلة التي تستند لها سلطات التحقيق في توجيه الاتهام وتقديم المتهمين للمحاكمات الجنائية، وفي الموروث القضائي يطلق عليه “سيد الأدلة” نظرا لأهميته الكبرى في التحقيقات وتحديد المسؤوليات الجنائية.
وسبق للقيادي في عصابة “بوليساريو” المدعو “البشير مصطفى السيد”، المشهور بوزير الواتساب، أن اعترف بتعذيب معتقلين صحراويين والضلوع في تصفيتهم تحت التعذيب، أعلن داخل المخيمات عن تسريب قيادي مجهول الهوية لوثائق تثبت تعرض سجناء للتعذيب المبرح والمؤدي إلى العاهات والوفاة، كما عبرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” أنها تتابع بقلق قضية تسريب وثائق تدين مسؤولين بالرابوني.
“البشير مصطفى السيد” شقيق “الوالي مصطفى السيد” أحد مؤسسي “بوليساريو”، اعترف بارتكاب جرائم وفظاعات إنسانية في حق الصحراويين في ثمانينيات القرن الماضي بسجن الرشيد سيء الذكر، وهذا كفيل بدفع المحاكم الدولية والمنظمات والجمعيات الحقوقية للمطالبة بفتح تحقيق في هذه الجرائم قد تصل إلى جرائم الحرب ومتابعة مرتكبيها وإلقاء القبض عليهم أينما حلّوا وارتحلوا ومحاكمتهم وفقا للقوانين الجنائية الدولية.
البشير مصطفى السيد اعترف في تسجيلات صوتية بأن عصابة “بوليساريو” قال فيها : “ارتكبت جرائم وتجاوزات حقوقية ضد مواطنين وقادة صحراويين، وأن جميع من تورط في ذلك يبدي الندم ويطلب أن تفتح صفحة جديدة دون أحقاد ومن غير ضغائن، لأن ما فعل حينها “كان لصالح الوطن””.
“مصطفى السيد” مثله مثل زعيمه قائد “بوليساريو” “إبراهيم غالي” الذي لا يستطيع السفر إلى دولة أوروبية بسبب القضايا المرفوعة ضده، والتي تتهمه بالاغتصاب والتعذيب والقتل… وتساءل مصدر صحراوي قائلا “إذا كان السيد القائد بهذا الوزر الذي يحمله من ماضيه، فكيف ستكون بطانته؟، وكيف هم قادة الجيش والنواحي …؟ وهل هناك سجلات تضبط عدد الموتى داخل زنازنها والمفقودين والمضطهدين؟ وهل ستخلق آلية للاستماع للضحايا ولأسرهم وتجبر ضررهم بتعويض يخفف مآسيهم…!؟”.
الجلاد “عبد الرحمان سيدي بوه”، الملقب بـ “ميتشل”، اعترف هو الآخر، باقترافه فظاعات في حق معتقلين صحراوين عندما كان يشرف على سجن “الرشيد” أو “أبو غريب” “بوليساريو” بمخيمات تندوف بالجزائر..
هذا الاعتراف الذي جاء بعد تسريب وثائق عن حوادث التعذيب البشعة داخل زنازن سجن “الرشيد” الرهيب، تزامن مع الغليان الشعبي وتطورات الأحداث داخل المخيمات وخارجها.
مصادر إعلامية صحراوية تؤكد أن التسريب قام بهم مسؤول “رفيع المستوى”، انتقاما لكبريائه من نتائج المؤتمر الأخير الذي أقيم في خلاء تيفاريتي، حيث أرسل وثائق في غاية السرية إلى أحد أفراد شباب التغيير المقيم بموريتانيا، والذي سيقدم تلك الوثائق إلى جهات حقوقية دولية رسمية مثل “أمنيستي” أو الأمم المتحدة أو أنه سيسرب تلك الوثائق للصحافة، وستكون “بوليساريو” أمام فضيحة جديدة، سيكون فيها زعيم الجنس “إبراهيم غالي” أمام اختبار آخر داخل المخيمات، ينضاف الى فشله في حل قضية المختطف “الخليل أحمد“.
وعانى المئات من الصحراويين والموريتانيين في ثمانينيات القرن الماضي من التعذيب وسوء المعاملة والقتل من لدن البشير مصطفى السيد وزبانيته والذي يعتبره كثيرون جلادا لطالما رقص على دماء وجثث أبناء جلدته البسطاء من الموالين لجبهة “بوليساريو” أو المغرب على حد سواء.
كما لا بد من الإشارة إلى الإدانة الدولية لعصابة “بوليساريو” في قضية اعتقال المدونين الثلاثة بالمخيمات، والتي تنضاف إلى ملف “احمد الخليل ابريه”، وملفات جديدة كشفتها تسجيلات صوتية يتم تداولها من طرف مجموعات على تطبيق التراسل الفوري، ويحكي فيها الضحايا من نساء ورجال، كيف تعرضوا للاغتصاب والتهديد والتعذيب…، وما تزال تلك الممارسات قائمة إلى حدود الساعة، كما جاء في الوثائقي الذي نشره الإعلام المغربي بعد أن اخترق الطوق المغلق للمخيمات، حين حكى الشاب “محفوظ” من دائرة بوكراع بولاية العيون، كيف جرى اغتصابه وكيف عذب بوحشية من طرف القادة الانفصاليين، لمجرد أن طلب الاستفادة من حقوقه كمواطن لإنجاز وثائق إدارية.
الغريب في الأمر أن ما يسمى ب”المناضلين” و”دعاة حقوق الإنسان” الباحثين عن الشيكات لملْء حساباتهم البنكية والسفريات والسياحة المجانية وفي المقدمة “المناضلة” الثرية “أمينتو حيدر” لم يتفاعلوا مع هذه التسريبات للتنديد بهذه الجرائم بل لم ينبسوا ببنت شفة تجاه هذه الفضائح، ولم يعلقوا عليها ولو بتدوينة يائسة، ليبقى السؤال ما قيمة الحقوقي إذا كان يناضل بانتقائية في القضايا، ويفضل انتهاكات على أخرى خدمة لرصيده البنكي، حتى وإن كان الضحايا من بني جلدته ؟