في خرجة غريبة، النظام العسكري الجزائري لم يجرأ على تكذيب الرئيس الفرنسي ويتهم المغرب وإسرائيل بترويج مشاركة جنوده في منطقة الساحل الافريقي
عبدالقادر كتــرة
اعتبر هشام عبود المعارض الجزائري بلاغ وزارة الدفاع للنظام العسكري الجزائري الذي ينفي فيه ما راج من أخبار حول مشاركة القوات العسكرية الجزائرية بمنطقة الساحل الإفريقي تحت مظلة القوات العسكرية الفرنسية كذبا وبهتانا وجبنا وغباء…، مضيفا أن الخبر صحيح ومؤكد وأفصح عنه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في تصريح صحفي مصور والشريط متداول عبر اليوتوب وقنوات وشبكات التواصل الاجتماعي، لكن لم يجرؤ جنرالات النظام العسكري على تكذيبه أو نفيه أو حتى الاحتجاج عليه، مخافة تقريعهم وتأنيبهم بعد أن تلقوا الأوامر العسكرية الفرنسية بالمشاركة.
تحركات أزلام وبيادق النظام العسكري الجزائري، في الأيام الأخيرة، تؤكد ما أعلن عنه ماكرون بمشاركة الجزائر في “قوات الساحل” إلى جانب القوات العسكرية الفرنسية في عمليات عسكرية خارج البلاد لمحاربة الجماعات المتطرفة، حيث تسخر فرنسا لذلك 5100 عنصر من قواتها في هذه المناطق الغنية باليورانيون والمعادن النفيسة، وكذا بالجماعات الجهادية التي كبّدت القوات الفرنسية خلال الشهور الماضية الكثير من الخسائر.
وبالرغم من أن الجزائر عن طريق وزير خارجيتها، صبري بوقدوم، نفى مشاركتها في هذه القوات، وكذا خروج الجيش الجزائري ببيان فيه الكثير من السياسة التي ينتهجها النظام في الجزائر اتجاه المغرب، بعد أن وصف في بلاغ له المملكة بأنها وراء تسويق مشاركة الجيش الجزائري في قوات الساحل وبأنها تقوم بـ”تسخير جهلة” لمهاجمة الجزائر واصفا المملكة بـ”نظام المخزن الصهيوني”، إلا أن ذات البيان لم يذكر أن من أكد مشاركة الجيش الجزائري هو الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون خلال مداخلة عبر الفيديو أمام قمة مجموعة دول الساحل الخمس التي انعقدت في نجامينا، الثلاثاء الماضي، وليس المملكة المغربية.
ماكرون أكد “أن الجزائر وكذا المغرب سينخرطان في هذه القوات التي تحارب الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، وذلك من أجل فرض سلطة الدولة في تلك المنطقة”. حسب وصف الرئيس الفرنسي(وكانت الجزائر قد ضمت في دستورها الجديد في البند الثالث من المادة 31 امكانية إرسال قوات الجيش إلى خارج البلاد، وهو الدستور الذي شهد نسبة مقاطعة قياسية، ولم يصوت عليه سوى 23,7%، ومن مجموع الكتلة التي يحق لها التصويت).
وتنوي فرنسا خفض قواتها في منطقة الساحل بعد أن تكبدت الكثير من الخسائر البشرية في المنطقة التي تسير عليها العديد من الجماعات الجهادية، على أن تستعين بتدعيم القوات في المنطقة بجيوش من التشاد والجزائر والمغرب لتدعيم التواجد العسكري في منطقة الساحل التي تعد من الأكثر المناطق الساخنة في إفريقيا التي ترغب فرنسا في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية فيها.
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مداخلة عبر الفيديو أمام قمة مجموعة دول الساحل الخمس المنعقدة في نجامينا على ضرورة تعزيز الجهود لمكافحة المجموعات الجهادية هناك وإعادة فرض سلطة الدولة في تلك المنطقة. كما أعلن الرئيس الفرنسي عدم نيته خفض تعداد القوات الفرنسية المشاركة في عملية “برخان” لمكافحة الجهاديين في منطقة الساحل والتي تضم حاليا حوالى 5100 عنصر.
واعتبر ماكرون “التعبئة الدولية من أجل منطقة الساحل لم تكن أبدا قوية كما هي عليه الآن”. وشكر الدول الأوروبية المشاركة في التجمع الجديد للقوات الخاصة في هذه المنطقة المتوترة في أفريقيا، مشددا ، الثلاثاء 16 فبراير 2021، في كلمته أمام قمة مجموعة دول الساحل الخمس المنعقدة في نجامينا، على ضرورة تعزيز مكافحة المجموعات الجهادية وإعادة سلطة الدولة في تلك المنطقة.
وقال ماكرون الذي تحدث عبر الفيديو من باريس إنه بعد سنة من قمة بو (جنوب غرب فرنسا) “نجحنا في تحقيق نتائج فعلية في المثلث الحدودي” بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وأبرز تنظيم تم استهدافه “تنظيم الدولة الاسلامية في الصحراء الكبرى”، “فقد هيمنته ومني بخسائر كبرى“.
تحركات النظام العسكري الجزائري في هذا الصدد، تؤكده اتصالات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بالرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون حسب بيان للرئاسة الجزائرية أعلنت فيه أن الرئيسين الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون اتفقا خلال اتصال هاتفي السبت على “دفع وتيرة التعاون بين البلدين وتقريب وجهات النظر حول بعض الملفات”.
وأضاف بيان الرئاسة الجزائرية أن الرئيسين اتفقا على “مواصلة التنسيق بينهما لدفع وتيرة التعاون بين البلدين في عديد المجالات وتقريب وجهات النظر حول بعض الملفات”، من دون ذكر أي تفاصيل حول تلك الملفات.
وأجرى وزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم الذي أوفده رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون, يوم الأحد 20 فبراير 2021، بباماكو (مالي) لقاءا تشاوريا مع رؤساء بعثة الأمم المتحدة و بعثة الاتحاد الافريقي بمالي و كذا مع ممثلي المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا و الاتحاد الأوروبي و 5 أعضاء دائمين لمجلس الأمن الأممي، حسبما أفاد به بيان لوزارة الشؤون الخارجية.
و أضاف نفس المصدر أن “اللقاء سمح لوزير الشؤون الخارجية بعرض الموقف الجزائري بخصوص الوضع السائد في مالي لا سيما ضرورة الحفاظ على الاستقرار في هذا البلد الشقيق و المجاور من خلال انتقال هادئ يسمح باستتباب النظام الدستوري و يكون في مستوى تطلعات الشعب المالي“.
و بهذه المناسبة أبرز السيد بوقادوم “الأهمية التي توليها الجزائر على أعلى مستوى للاستقرار والأمن في مالي و هو ما جعلها تبذل قصارى جهدها ليتمكن هذا البلد الشقيق و المجاور من تجاوز هذه الفترة العصيبة في ظروف ملائمة“.
وأكد سفير الجزائر لدى مالي بوعلام شبيحي، أن اجتماع لجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي، المنبثق عن مسار الجزائر، والذي انعقد في 11 فبراير الجاري بمدينة كيدال، مشيرا إلى أن اجتماع “كيدال” الذي ترأسه وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم، والذي سبق له أن عقد لقاءات ثنائية مع مسؤولين ماليين في باماكو، شهد مشاركة ستة وزراء من الحكومة المالية ، بحضور كل الحركات الموقعة، إضافة إلى الوساطة الدولية وسفراء وممثلي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن”، مضيفا أن “هذا الحضور القوي والنوعي سمح بوضع ورقة طريق فعلية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في مالي”.
ويتخوف النظام العسكري الجزائري ويرتعد من اهتمام المملكة المغربية بمنطقة الساحل لقدرته ومصداقيته لحلحلة العديد من الخلافات، كما وقع بين الفرقاء في دولة مالي عقب الانقلاب، وكذا بين الفرقاء الليبيين حيث احتضن المغرب أكثر من خمسة لقاءات أثمرت تفاهما وتصالحا وإيقاف للحرب الأهلية.
وجاء في أحد مقالات مزبلة الإعلام جريدة “الشروق” الناطقة باسم النظام العسكري الجزائري “أظهرت مؤشرات ورسائل من المغرب عن إمكانية انخراطها عسكرياً في حرب فرنسا في منطقة الساحل غرب إفريقيا، على الرغم من أن المغرب لا علاقة له بالمنطقة أصلاً ولا توجد له حدود مع أي من دولها الخمسة.
وشارك المغرب، للمرة الأولى، في قمة مجموعة دول الساحل الخمس وهي تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وموريتانيا، والتي انعقدت في يومي الاثنين والثلاثاء 15-16 فبراير 2021.
وقال رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني، الاثنين، في خطاب أمام القمة التي انعقدت في عاصمة تشاد أنجامينا، “إن مشاركة المغرب جاءت تلبيةً لدعوة مشتركة من محمد الشيخ ولد الغزواني رئيس موريتانيا، وإدريس ديبي ايتنو رئيس جمهورية تشاد، الرئيس الحالي لمجموعة دول الساحل الخمس”.
ويتساءل القارء عن “مراقبة” ومتابعة” كل ما يقوم به المغرب إذا كانت الجزائر تدعي “رفض الجزائر بشكل قاطع المشاركة في هذه الحرب التي بدأت بقرار فرنسي في 2012، ضد الجماعات المتشددة.”